الليلة كانت في أوجها، ظلام مغري بينتشر فيه الناس اللي قلوبهم بتتعلق، هناك، شخص بوسامة آسرة، عيون أزرق من أي أزرق، بتلمع زي الياقوت، كان في ملهى.
ملهى بتاعه، بالظبط.
شعره الأسود الناعم كان مشعث شوية مع عضلات قوية، صوابعه ماسكة الكاس بإحباط، صوته الرجولي مليان مرارة.
'آه.. يا ليلة مغرية بس وحيدة.'
تنهيدة طويلة طلعت منه، ابتسامة سخرية مرسومة على شفايفه.
هالة جذابة بتلف حواليه دايماً. ابتسامة ماكرة انتشرت على شفايفه السميكة وهو بيبص حوالين الملهى، بيدور على مصدر متعته.
محطم القلوب السيء السمعة.
روي لاين.
عازب عنده 25 سنة، حاكم القلوب، اللي بيلوي الكلام، الساحر.
مشهور بشخصيته الجذابة اللي بتخليه رجل أعمال ناجح، دايما في مركز الاهتمام.
وبعدين، بسبب مظهره اللي بيشد، ما كانش مفاجئ إن واحدة تروح عنده وتحط إيدها على كتفه.
'هاي، وسيم.'
ابتسامته سمرت أكتر، ماسك معصمها، مثبت عينيه الزرق الخطيرة في عيونها.
'مش أنتِ، يا حبيبتي.'
عبست، فغير مكانه وحطها في رجله، بياخد نفسه بصعوبة عشان يهمس في ودنها، بيحرك إيده التانية ببراعة على رجلها.
بس- 'أنتِ تستاهلي أكتر، يا بيبي، بكتير,'
احمر وشها من الإطراء وهو بيلزق فيها، بيعض شحمة ودنها بهمس مغري.
'أكتر بكتير من مجرد ليلة أو لحظات قليلة. في أي وقت تبي.'
إزاي يقدر يسمح لأي فريسة إنها تهرب؟
خلص بابتسامة سخرية بعد ما عمى عيونها بسحره، أدّاها كارت عمله وهي ماشية بخجل بعد ما باس مفاصل إيديها بلمحة.
'أشوفك بعدين,'
بيرفرف بإيده، وثانية ما اختفت، سخر، بيلف عينيه.
'تفو، إزعاج,'
كان عارف إنه محتاج قوة جذب أقوى، لا يمكن إيقافها، الليلة كانت بتخليه يتجاوز علاقته المعتادة الليلية، ولقى فريسته.
عينيه وقعت على النجمة الرئيسية بتاعة الليلة.
غارنيت بيث.
مدركة إن العيون بتأسر سحرها، الست اللي عندها 23 سنة، عينيها خضرا، دخلت الملهى بقلق مع أحسن صاحبة ليها، ليزلي.
'ليزلي، بقولك دي مش فكرة كويسة. عندي مقابلة شغل يوم الإثنين.'
بتظبط شعرها البني، بتكون شفايفها في خط رفيع، أكيد مش مبسوطة من صاحبتها عشان بتجبرها تحتفل في اليوم اللي سابت فيه الملجأ.
'يا سلام، غارنيت، ما تقلقيش أوي. أخيرا سبتي الملجأ. دي لحظة احتفال!'
ضحكت وزقتها ناحية البار، بتطلب لهم مشروبات.
'يا سلام، يا لها من بريئة,'
الساحر أخد رشفة من مشروبه، عيونه بتبص على الست الخجولة، بيفترض إنها المرة الأولى.
موسيقى عالية ودخان في الهوا استقبلوا غارنيت. استنشقت الريحة ولفّت راسها لليزلي، بتتمايل تدريجيا مع الجو.
'بتجيب نوستالجيا، مش كده؟'
طلعت النفس، بتحضن نفسها قبل ما تشرب الموكتيل بتاعها. عيونها بتلف حوالينها، تقريبا كأن الملهى ده مألوف ليها أكتر من اللازم.
'خليكي دايما سعيدة. أنا معاكي، مستقبلك مستنيكي، يا غارنيت,'
نصحت ليزلي بابتسامة، بتاخد رشفة من التكيلا بتاعتها، بترفع معنوياتها.
'مستقبلي، هاه؟ أعتقد إنك صح,'
ضحكت بلطف، بتشد خصلة من شعرها ورا ودنها، بتجذب الراجل اللي ما يقدرش يسمع كلامهم، بس النعومة محفورة عليها.
كانت بتسبب مشاعر غريبة.
'ليه عاملة الوش ده في النادي بتاعي اللي مليان حياة، يا ست؟' فكر، منبهر، عينيه بتتبع حركاتها.
الصاحبات راحوا لأرض الرقص وعشان يخففوا الوزن الثقيل على صدرها، غارنيت قررت إنها تتفلت.
رفعت إيديها في الهوا وبدأت ترقص، بتتحرك مع الإيقاع، بترقص بفرح مع الدقة.
ابتسامة طلعت على شفايفها ودمعة طلعت في طرف عينها، حست إنها بتسحر، حست.. حرة.
'ليزلي صح، دي بداية حياتي الجديدة، لازم أستمتع,'
بس خلتها جواها وكملت رقص وهي بتنزل دمعة، شفايفها بترتعش شوية عشان تفتكر ماضيها اللي مش عظيم أوي، بس بتضغط على الأفكار دي وراها.
تمسكت بعزيمتها وكملت رقص، ماسكة راسها والدموع بتلمع على خدودها الناعمة.
'صحيح، مش هسمح لأي حد يسرق الحياة دي مني دلوقتي.'
ابتسامته سمرت بشكل شرير وهو لقى فريسته، بس لقى الشفايف دي بترتعش خلى عينيه الحلوة دي تصغر.
'همم؟ ضيق؟ في الملهى بتاعي؟'
خلص شرابه في مرة واحدة، قام، سكران شوية بس متحمس يسأل إزاي حد ممكن يكون حزين في مكان حماسي.
لما مشي قريب منها، شاف الدموع بتلمع على خدودها.
'يبقى ما كنتش بتخيل، كانوا دموع فعلا,'
مسحور مش بس بشكلها الجسدي، بس بهالتها كمان، اللي كانت بتصدر حزن عميق وتحرر.
من باب الفضول، لقى نفسه بيقضي على المسافات، أقرب، أقرب، أقرب. بص عليها وهي شكلها صغيرة بالنسبة له.
'يا لها من دمعة جميلة.'
بفكر بإخلاص، قرب إيده منها عشان يمسح الدموع الموجودة على خدودها، وكلم بصوته العميق السماوي.
'إيه اللي غرقك في الأحزان؟'
وقفت رقص وبصت عليه. رفعت حاجبها عليه.
'هاه؟'
أدركت إنها كانت بتعيط وإيده بتمسح دموعها. نفضت إيده وراحت خطوة لورا.
'ده ما يخصكش.'
همست بغضب، ودارت عشان تمشي، بس جسمه رد لوحده ولقى نفسه بيمسكها في نطاقه بإنه بيمسك معصمها.
وقفت وبصت عليه بإنذار إنه يرجع لورا عشان ما كانتش في وعيها تاني.
ليلتها باظت بالذكريات بالفعل.
'ما تزعجنيش.' تمتمت، بتصرف نظرها.
لويت معصمها، جسمها وقع فجأة على صدره المشدود وهي بتلهث لما مسك وسطها بقوة وجاب إيده عشان يداعب خدودها.
'ليه لأ، يا عزيزتي؟'
'مش مسموحلي أكون مهتمة بكريستالة فريدة لسه شايفها؟' ضايقها بمرح، رافعا حاجبه بإغراء.
عينيه وقفت على شفايفها، بتبعت قشعريرة في عمودها الفقري عشان تلاقي نفسهم بيتنفّسوا مع بعض.
ما كانش عارف إيه اللي استولى عليه وهو بيلقى نفسه منبهر بيها.
'لا. أنت مش حد عشان تتدخل في مشاكلي.'
بتميل لقدام لدرجة إن صوتها الناعم ولهثها كان مسموع وسط الموسيقى اللي بتعوم.
بشكل غير مقصود مسكت قميصه الأسود وعينيها الزمرد الكبيرة بتلمع ببراءة وقلبها بيدق، بتنشف ريقها.
بلعت بصعوبة لما إيده لمست خدودها، جسمها بيتصلب شوية لما وقف بالظبط عند ودنها.
همس بإغراء، 'أقدر أصبح أكتر من كده بس لو سمحتِ لي.'
الخشونة في صوته، خلت جسمها ضعيف، عقلها بيتحول لأعمى.
الحاجة الوحيدة اللي أسرته كانت الأسرار اللي بتخبيها.
ليه بتنزل دمعة في النادي بتاعه؟ ليه حزينة في حضوره؟ ليه المقاومة دي؟
'إيه اللي حصل؟ أنتِ بخير؟'
مال لقدام قريب من وشها وهي بتدور راسها بعيد.
'ابعدي.' قالت بخجل.
مسكت قميصه زادت وهو بيبص على إيدها اللي بتولد ارتجاف، وده سبب إنها بتتحول لغير واعية.
ابتسامة بتلعب على شفايفه السميكة، بيلقى سلوكها، ارتباكها وقلقها، مضحك.
بتدور راسها بعيد عنه. مال لقدام قريب منها، بيضغط جسمه عليها.
'إيه لو ما عملتش كده؟ مش طالب كتير، شوية كلام مش هيضر، يا عزيزتي. ده هيخفف قلبك كمان,'
ريحة السجاير القوية وصلت لغارنيت وهي بتعض على أسنانها وبشكل ما حست بالشجاعة.
'قلت. ابعد قبل ما أخليك.' طلعت النفس.
'اروي عطشي من الفضول، مش طالب كتير. غير كده أنتِ واقفة في الساحة بتاعتي، يبقي بصفتي صاحبها، ما أقدرش أسيب أي حد يمشي بقلب حزين.'
هز كتفه، ما رجعش لورا، بيلوي شفايفه لفوق عشان يطمنها، بس ما كانتش مستعدة يكون فيه أي تواصل دلوقتي.
'روح للجحيم وروح بعيد عني.'
زمجرت غارنيت، بتحاول تبعده. حتى ما اتفاجئش، ابتسامة بتحول لابتسامة.
واحدة مسيطرة.
هي إغراء الليلة، وده معناه إنها هتكون بتاعته.
بس، لما كانت بتقاوم بقوة، كان عارف إنه ما بقاش فيه كتير.
بتطلع النفس في محاولة منها، روي كان على وشك إنه يشد نفسه لورا، واضح إن ما يقدرش يجبرها.
'أفف، خي-'
ولقى وسيلة تانية إنه يحصل عليها بعدين عشان هو عايزها وهيعمل أي حاجة عشان يحققها.
بس، غارنيت فقدت صبرها وعملت اللي لازم تعمله عشان توقف غريب إنه يتدخل.
صفعته عشان تخليه يبعد.
'ابعد، يا حمار!'
بصراخ، جذبت نصيب عادل من الاهتمام وهو واقف مشلول بعيون واسعة وفمه مفتوح.
ضيقت عيونها عليه وهو كل اللي عليه إنه يشوف إن الشخصية السيئة السمعة اتصفعت من بنت عادية.
'مش كل ست لعبة تقدر تستخدمها عشان تكون في علاقة حميمة! مين فاكر نفسك؟ روح للجحيم، يا ابن العاهرة!'
صرخت وأشارت بإصباعها الأوسط عليه بطريقة احتقار وهو واقف مذهول.
'ما عنديش نية إني أضيع وقتي مع رجل تافه زيك.' زمجرت، بتصعقه وكل واحد.
'سمعتوا؟ سمته تافه,'
'هل هي بتعمل كده عشان تجذب الانتباه؟'
'إزاي تقدر تصفعه؟'
سلسلة من الهمسات بترددت، الموسيقى وقفت، كل واحد فضل يشهد المنظر ده أكتر.
دقت رجليها على الأرض ودارت وتركت الملهى وراها غاضبة.
صوت الهمسات ملأ الملهى وهو روي واقف تماما مذهول من اللي حصل، إن ست تقدر تقاومه ومش بس كده-.
صفعته.
لم خدوده وهو بيحس بالألم اللاذع من صفعته بتحرق غروره الذكوري الهش، بتستدعي الرغبة إنه يخيلها تدفع تمن فعلها.
'إزاي تجرأت…'
سب تحت أنفاسه وخرج برغبة قوية للانتقام من الصفعة دي اللي تركته مهانا قدام الكل.
بتبدأ لعبة الانتقام.