أخيرًا، بعد أيام وأيام من الشغل الجامد، امتحانات سنتنا الأخيرة خلصت. تحررنا من اللي كنا بنسميها جهنم. كنت متحمسة أوي أشوفه تاني وأقول له الخبر اللي هيغير حياتنا للأبد. ما كانش عندنا أي خطط للمستقبل، ولا لسه على الأقل. طول الوقت ده، تركيزنا الأساسي كان بس على امتحاناتنا اللي جاية، واللي خلصت الحمد لله. بس في النهاية، الأمور قلبت ضد رغبتنا وربنا باركنا ببيبي، ودلوقتي شوية صبر بس وبعدين حتة فرحة صغيرة هتنضم لعيلتنا الصغيرة. أنا حامل في سبع أسابيع ببيبي صحي. في الأول، فكرت إن عندي مرض فيروسي. ما تلومونيش! الدوخة والغثيان خلوني أفكر بالطريقة دي لحد أمس. إني شايلة طفله جوة بطني خلى قلبي ينط من السعادة. كنت عايزة أصرخ بأعلى صوتي وأقول 'أنا رسميًا حأكون بتاعته. حنرحب بضيف عيلتنا الجديد!!!' للأسف، كنت في حرم الكلية ومش عايزة أخوف الطلبة. إزاي حيتفاعل؟ بجد، كنت عايزة أشوف وشه. كنت عايزة أشوف تعبير وشه. كنت عايزة أضحك عليه لما يقف فاتح بقه، مش قادر يصدق إذا اللي سمعه حقيقي ولا ودانه بتخونه. يمكن أصور فيديو وأخليه ذكرى عشان أتذكره في المستقبل. أو يمكن أورّي رد فعله لبيبي الصغير لما يكبر أو تكبر. ولو لسه واقف زي التمثال، حأقصه من خده وأقول 'أيوه، ده حقيقي. حيبقى عندنا عيلة خاصة بينا.' كنت عايزة أستمتع بكل اللحظات: لما يقرب ويحضني في حضنه جامد ويقول إنه في منتهى السعادة إنه عنده البيبي ده!!! إيه اللي حيعمله أول ما يطلع من مملكة السحر بتاعته؟ أكيد، حيمرر صوابعه على خدي وهو بيمسح دموعي بإبهامه ويديني ابتسامة تطمن وتقول 'كل حاجة حتبقى كويسة وأنا حأكون هنا عشانك مهما حصل.' 'إيه لو ما كانش فرحان بالخبر؟' ضميري سألني تاني. كان عندي السؤال ده بيدور في دماغي من أمس. 'لأ.' كان طاير من الفرح لما ريتشل، أخته، كشفتي إنها حامل. ناقش إزاي حيهتم بالبيبي وإزاي حيدلعه. ريتشل قالت لنا أمس بعد ما أكدت نوع الجنين من الدكتورة إنه ولد ليها. 'ما تقلقيش يا حبيبتي. بابا حيهتم بيكي.' قلت لقرصة الفول بتاعتي وأنا بفرك بطني بحب. بقيت متعلقة بالبيبي ده أوي في ليلة. البيبي ده اتعمل من حبنا. بالرغم من إني كنت بغرق في بحر أفكاري العميقة، ما فاتنيش إني أشوف رجلي ماشي ناحية منطقة ركن العربيات وهو بيصفر ويلف مفاتيح العربية حوالين صباعه. بلا شك، حيكون أحلى أب على الإطلاق. ابتسمت وعشقت جمال جوزي. كان شكله يجنن، لابس تي شيرت أبيض وبنطلون جينز أسود. شعره كان متبهدل لأنه عدى إيده فيه كذا مرة. وشه كان بيلمع وعليه هالة، وكانت فيه ابتسامة خفيفة على شفايفه. كان احتمال بيفكر فيا. توقع إني أكون هناك في منطقة ركن العربيات، زي أي يوم تاني. يالهوي! أنا متأخرة. 'يا كايش!!' ناديت على اسمه بس ما وصلش ودانه. بدأت أجري زي البطة ناحيته في منطقة ركن العربيات ورا منه، ما كنتش حاسة برجلي. بصراحة كنت موجوعة أوي لدرجة إني ما قدرتش أمشي. وقفت قدامه وأنا بتنفس بصعوبة، أخدت ثانية عشان أهدى. اللحظة اللي شافني فيها، اداني ابتسامة كبيرة أوي وحضني. 'إزاي كان امتحانك؟' سأل. 'كان كويس. بتاعك إيه؟' لهثت بصعوبة. 'زي العادة.' هز كتفه. ابتسمت له. هو كان المتفوق في كليتنا. الامتحانات دي كانت لعبة أطفال بالنسبة له. 'في إيه يا ريّا؟' سأل لما لاحظ إني بلعب في خاتم جوازي. كانت عادة عندي إني ألعب في صوابعي لما أتوتر. 'يا كايش، أنا... أنا كنت عايزة أقول لك حاجة.' قلت له ولسه بلعب في خاتم جوازي بتوتر. رفع دقني بإيده واتسندت على لمسته. 'يا ريّا، أنا كنت عايز أقول لك حاجة برضه.' قال وخلاني أقطب حواجبي. إيه اللي حيقلي؟ 'خليني أقول لك إننا حنفترق.' بصراحة، قالها. 'إيه؟' بصيت له وفكي واقع على الأرض. مش قادرة أسيطر على غبائي، انفجرت ضحك. 'يا كايش، أنا هنا عشان أقول لك خبر كويس بس أنت بتهزر.' ضربت كتفه بمرح. الانفصال مش في قاموسنا وهو عمره ما بيستخدم الكلمات دي حتى في المقالب. بدل ما يظهر لي ابتسامة، قبض إيده على صدره ورفع حواجبه. 'إيه بيبدو شكله؟ ليه بتفكري إن ده نوع من الهزار يا آنسة كادر؟' هز حواجبه. اتجمدت في مكاني في اللحظة اللي سمعته بيناديني باسم عيلتي بدل ما يناديني يا حبيبتي أو يا مراتي زي ما كان متعود. في حاجة غلط، لعبه كله اختفى، رجع في الوضع الجاد بتاعه. 'يا كايش كفاية. بليز، وقف ده.' عيني غرقت دموع. ليه بيلعب بيا؟ إزاي شايف ده مضحك؟ 'طيب، يا آنسة كادر. أنا بقول لك الحقيقة. أنا زهقت من إني أمثل دور الحبيب الكويس. بالأدق، الزوج الكويس. عمري ما كنت مهتم إني أربط نفسي بأي حد، ما بالك بيكي.' أشار بإصبعه ناحيتي. كنت عايزة أضحك عليه تاني بس خايفة. خايفة من التفكير إيه لو بيقول الحقيقة. 'ليه؟' سألت. الدموع كانت بتنزل على خدي. 'فاكرة، 2 يناير - 2012؟' سأل بنبرته العادية أوي اللي بعتت قشعريرة في جسمي. اللحظة حسيت إني اترمت في كتلة جليدية، وضربات قلبي بتدق جامد في صدري. ليه بيسأل دلوقتي؟ دي كانت أول مرة تقابلنا فيها وما انتهتش كويس. 'أنت أهنتيني قدام الكل. يا غبي لعنت أبوك صفعتني بس عشان بستيني مرة واحدة. اليوم ده وعدت نفسي إني حأخليكي بتاعتي وأبهدل حياتك.' نبح. 'بس ما سمحتليش إني ألمس جسمك. عشان كده تزوجتك عشان أخربك. الجواز ده ما يسويش حاجة عندي، ده بس مفتاح استخدمته عشان أحصل على عقلك.' كل كلمة من كلماته طعنتني في قلبي. 'أنا محتاج جسمك، مش محتاجك.' همس في ودني. جسمي كله اتخدر ورجلي كانت بتترعش. مش ممكن يكون جاد. مش هو كايش بتاعي. 'دلوقتي أخدت انتقامي وعايز أتخلص من الدراما دي.' أخد الظرف من جيب بنطلونه ومزقه حتت. 'ده... ده الدليل الوحيد على جوازنا. خذيه.' رما قطع الورق على وشي. 'طيب، كنتي عايزة تقولي خبر كويس، صح؟ أتمنى ما يكونش خبر كويس تاني.' مع ده، لزق شفايفه في شفايفي بعنف. دي كانت المرة الوحيدة اللي اترعشت فيها في لمسته. كان أي حاجة إلا قبلة فيها شغف، القبلة عكست كل غضبه وكرهه اللي حسهم ناحيتي. كسر القبلة وبص لي. 'حأمشي النهارده، عشان كده ما تضيعيش وقتك في إنك تدوري عليا.' وبعدين لف كعب رجله وركب عربيته. بعد شوية، سمعت صوت احتكاك الإطار اللي اداني إشارات إنه سابني. سابني. سابني لوحدي. سابنا لوحدنا. وقفت هناك ساعة تقريبًا. يبقى كل السنين دي كان بيمثل إنه بيحبني؟ وعمل كل ده بسبب انتقام خرا؟ إمتى بقيت ساذجة أوي؟ ليه ما أخدتش بالي إنه كان بيلعب بمشاعري؟ بس ما ادانيش أي مساحة إني أفكر عشان كان بيمثل وكنت حاسة إن حبه حقيقي بس هو أثبت إني غلطانة. سبت أهلي بسببه، وثقت فيه أوي ودلوقتي حاسة بالخجل إني ورقة مستعملة. ورقته المستعملة. قلبي رفض يصدق الحقيقة إنه سابني. كل ذكرياتنا الحلوة بدأت تلاحق راسي. شاكة إذا حتبقى ذكرى حلوة بعد اللي عمله فيا. الضرب في راسي كان بيزيد لدرجة إني حسيت إنه حيفجر في أي وقت. وفي لمح البصر، بدأت أشوف نقط سودا حواليا. الحاجة اللي بعد كده، إني اغمى عليا وأنا بفكر في البيبي وأنا. البيبي بتاعي. ما يستاهلش يعرف عنه أي حاجة على الإطلاق.