"مو أنا، أرجوك صدقني." نظرت آشلي باترسون بإصرار إلى الناس اللي في العربية، كان المطر بينزل بغزارة، و باب العربية كان مبلول بمية المطر، و دا بين عن وجه بارد. آشلي كلها بترتعش. وقفت برا العربية، على بعد باب، و بتصرخ. "اسمعوا شرحي."
باب العربية اتفتح فجأة. قبل ما آشلي تفرح، قوة جامدة سحبتها بعنف جوه العربية. وقعت فوقه، و القميص الأبيض بتاعه اتبل على طول في منطقة كبيرة.
"ميلان إليس، البلطجية اللي قتلوا جينا مش أنا اللي دبرتهم..." بمجرد ما آشلي فتحت بوقها، إيد طويلة وقوية عصرت ذقنها بلا رحمة، و من فوق راسها جه صوته المغناطيسي. "أنتِ بتحبيني أوي كده؟"
صوته كان واضح و بارد، ريحة الدخان واضحة - دي ريحته.
"هاه؟" آشلي كانت متلخبطة شوية، هي بتحبه، و الدنيا كلها عارفة. ليه بيسأل فجأة كده دلوقتي؟
الراجل عصر ذقن آشلي، إيده التانية كانت طويلة و قوية، و كفه لمس خدها البارد والمبلول من المطر برفق. آشلي اتوهت في عنيه الرقيقة، حست كأن الراجل ده بيسألها. "بردانة؟"
فجأة، نفس بارد طلع من جسمه. قال ببرود: "آشلي، أنتِ بتحبيني أوي كده؟ بتحبيني لدرجة إنك تقتلي جينا؟"
البرودة اللي في قلبها انتشرت على طول في جسمها كله. آشلي صحيت على طول و ما قدرتش تمنع نفسها من إنها تبتسم بمرارة... فكرت على طول، إزاي ممكن يدّيها الحنان ده؟ ده مش حنان ده بس ابتسامة شيطان.
"ما كنتش أقصد أقتل جينا..." كانت عايزة تشرح.
"ده صح، طبعًا، أنتِ ما قتلتيش جينا، أنتِ بس دفعتي شوية بلطجية عشان يذلوا جينا." الغضب بدأ يظهر في عينين الراجل. من غير ما يدي آشلي فرصة إنها تشرح، مزق الهدوم اللي على جسم آشلي.
بصراخ عالي، آشلي اترمت برا العربية من غير ما تاخد بالها. كانت بترتعش و وقعت في المطر. في ودنها، صوت ميلان البارد بقى أوضح في صوت المطر.
"آشلي، زي ما عاملتي جينا، هديكي نفس المعاملة. هدومك مش كفاية عشان تغطي جسمك، حاسة بإنك مرتاحة؟"
آشلي رفعت راسها بقوة، في عدم تصديق، بصت في شباك العربية، الراجل قعد هناك، بص عليها من فوق، بيفرك صباعه بهدوء بمنشفة. "آشلي، أنا مرهق دلوقتي، ياريت تروحي البيت."
"ميلان. اسمعني، أنا..."
"مش إن أنا مش سامعك و أنتِ بتتكلمي." الراجل رفع حواجبه بإهمال و بص على آشلي. "لو اتبرعتي إنك تركعي عند بابي ليل، ممكن أحس إني أحسن. أقدر أديكي 10 دقايق."
باب العربية اتقفل، و منشفة اترمت من العربية، و وقعت قدام وش آشلي، مبلولة بمية المطر.
آشلي وطت راسها، و مسكت المنشفة اللي غرقانة في المطر و عصرتها في كفها.
العربية سابت على طول على بيت إليس، البوابة الكبيرة قفلت في وشها بلا رحمة.
في المطر، وش آشلي بقى شاحب، وقفت لفترة طويلة قبل ما ترفع راسها و تمشي على باب إليس، شفايفها مضمومة بشدة، بس سمعت صوت، ركبها لمست الأرض.
ركعت.
مش عشان عايزة تكفر عن ذنوبها.
بس عشان جينا صاحبة آشلي. صاحبتها ماتت، لازم تركع، مش عشان الكل فاكر إنها قتلت جينا.
ركعت.
كانها بتركع و بتترجى الراجل ده 10 دقايق عشان يسمعها تتكلم.
الهدوم اللي عليها كانت مقطعة، بتغطي بس المناطق المهمة. غطت جسمها بإيديها، بس وسطها كان مستقيم و متكبر، حتى لما ركعت، فضلت صلبة. كرامتها، كرامتها، هي آشلي باترسون.
ركعت بإصرار، بس عشان يكون عندها فرصة تشرح بوضوح. مش بتوافق على حاجات ما عملتهاش.
بس، في فرصة زي دي؟
بجد، ممكن تشرح بوضوح؟
حد بيصدق اللي بتقوله؟
المطر زاد أكتر و أكتر بس في الآخر، ما قفش.
ليل فات.
و المطر بينزل، آشلي لسه راكزة قدام بيت ميلان زي ما كانت.
قطرات المطر بللت هدومها، ركعت هنا طول الليل.
أخيرًا، الصبح جه، بعد ما الكل كان هادي طول الليل، القصر اتملى. البواب الشيباني القوي جه من حديقة القصر و ماسك شمسية قديمة.
و بعد كل المعاناة طول الليل، الخزنة اتفتحت، آشلي اتحركت شويه، رفعت راسها في اتجاه الخادم العجوز، و بانت ابتسامة شاحبة.
"يا آنسة آشلي، السيد ميلان قالك تمشي." شعر الخادم العجوز متسرح بعناية، حتى و المطر بينزل، و لا شعراية متلخبطة، زي ما بيتراعي كل نبات في البيت بإتقان. سنجاب. الخادم العجوز ساب لآشلي طقم هدوم.
آشلي مدت إيديها بعد ليلة شتوية و بتترعش و لبست هدومها. شفايفها كانت شاحبة و من غير دم، و صوتها كان أجش بس مصمم: "عايزة أشوفه."
الخادم العجوز حتى ما رفعش رموشه. ما فاتش و لا كلمة من كلام صاحب القصر: "السيد ميلان قال، أنتِ بتلوثي القصر هنا، قالك تمشي، متوسخيش عنيه."
من وقت الحادثة لحد دلوقتي، آشلي ما بينتش جبن أبدًا. في اللحظة دي، كان لازم تتظاهر بالقوة بس كتفها ممكن تشوفه بيرتعش، و ده بين حزنها بوضوح.
آشلي غمضت عنيها، وشها كان مليان بمية المطر، و ده بيخلي مستحيل على الناس يشوفوا هل المية اللي في زاوية عينها دي مية مطر ولا دموع. الخادم العجوز بص عليها من غير تعبير.
آشلي فتحت عينيها، رفعت راسها، و قالت للخادم: "باتلر سميث، مهما بتفكر، أنا ما أجرتش بلطجية عشان يذلوا جينا. مهما حصل، مش قادرة أستحمل الضيق بتاعك."
رغم إن آشلي كانت تعبانة، لسه قالت كل كلمة... كانت مستعدة إنها توطي راسها مؤقتًا، بس كل جسمها كان فيه مرونة الست.
الخادم العجوز أخيرًا اتفاعل غير عدم المبالاة، رفع حواجبه لآشلي، عنيه كانت مليانة بإشمئزاز. "جينا بنتي. من الطفولة كانت ذكية و بتفهم، ما راحتش أبدًا أماكن مش كويسة و وسخة زي بار الليلة المظلمة، بس اتذلت للموت هناك. يا آنسة. آشلي، حققنا في تليفونها، قبل الحادثة، بعتتلك رسالة بتقول 'رحت بار الليلة المظلمة، آشلي، أنتِ فين؟'."