عندي اختيار لازم أسويه. يا إما أزور أختي في المستشفى وأخاطر بأنهم يطردونا بسبب الدفعة اللي لسه ما دفعتها، أو إني ما أروح وضميري يقتلني بالذنب لأني تركت أختي مع غرباء وهي بتحارب على حياتها.
أنا مش غبية ولا عديمة الإحساس. طبعًا، راح أروح لأختي. بس لازم آكل أول. رجعت متأخرة جدًا من الشفتي بتاع إمبارح ونسيت آكل. نمت على طول ما رجعت. الثلاجة بتاعتي تقريبًا فاضية ما عدا شوية جبنة ولبن متأكدة إنهم قربوا يبوظوا.
لما افتكرت إني قبضت المرتب بتاع إمبارح، أخدت 50 دولار منه وقررت أجيب حاجات من السوبر ماركت. المفروض أطبخ حاجة ليا ولكلارا. الأكل البيتي هيفيدنا إحنا الاتنين دلوقتي. أنا عايشة على بقايا الميكروويف وأكل بره بقالي أسبوعين. البيتزا بدأت تضايقني. يوه.
وأنا باخد كيس الأكل، الرعد بيزمجر ويخرج تنهيدة ألم من فمي. يارب ألحق أوصل وول مارت قبل ما المطر يبدأ. شعري هتبوظ ريحته خالص...
بدأت أدور على المظلة بتاعتي بس افتكرت إنها مكسورة. أنا في ورطة. ما عنديش غير اختيار واحد محرج. بونيه الاستحمام بتاعتي.
أخدته بسرعة من الحمام وحطيت كل لفافات شعري الصغيرة تحته. طيب، أنا جاهزة.
حطيت تليفوني في جيب البنطلون الخلفي وخرجت من البيت. السما شكلها كئيب قوي. المطر أكيد هيكون غزير.
اليوم بدأ وحش، لأنه أول ما خطيت خطوة بره البيت، المطر نزل بغزارة. طيب، فات الأوان إني أرجع دلوقتي. بدأت أجري كأن حياتي بتعتمد على ده. هو تقريبًا بيعتمد على ده لو فكرت فيها. مش ممكن أتحمل المطر ده لوقت طويل وإلا هأخد برد وحش.
بعد ما يبدو كأنه ألف سنة من الضرب بسوط المطر، أخيرًا وصلت لبوابات وول مارت.
الحمد لله، التكييف بتاعهم مش شغال فمش لازم أقلق إني أتجمد للموت قريبًا. سلمت على الكاشيرة ورحت لقسم الأكل السريع. وأنا بفكر في إنهي قهوة آخدها بسبب الأسعار، عربية مليانة شوكولاتات وحلويات وقعت جنبي.
ليه حد ياكل كل الحلويات دي؟ بس مش هحكم. إيه اللي يخصني؟
الحمد لله، أخيرًا اخترت القهوة اللي عايزاها، لا، قصدي القهوة اللي أقدر عليها. وأنا بلف، حاجة ضربتني جامد ووقعت. لقيت نفسي على الأرض وفجأة بصيت على أجمل عيون زرقاء شفتيها في حياتي.
ملامحه المنحوتة وعيونه الزرقاء الثاقبة جذبتني على طول. شعره الأسود المتموج وقع شوية على الجانب الأيسر من وشه وبطريقة فوضوية بس مثالية. لابس تي شيرت أبيض نضيف وبنطلون رياضي بيبين إنه من ناس معاها فلوس. طوله تقريبًا 6'3، وعنده جسم رياضي. التي شيرت حضن الجزء العلوي من جسمه بشكل مثالي وبين عضلات بطنه. عمري ما كنت بموت في عضلات البطن بس يا جماعة! دي مختلفة قوي وده بس الشكل اللي شوفته.
أفكار عمرها ما خطرت على بالي في 24 سنة من عمري بدأت تنمو جذور وأجنحة من العدم. نتكلم عن الرأس... رأسي! كشرت في سري وأنا بتذكر إن بونيه الاستحمام اللي زي وجدتي لسه على راسي. يا خراشي! كلام عن الانطباعات الأولى. الحقوني!
هل هيكون جنتلمان ويساعدني أقوم؟ يمكن لما يعمل كده، نقدر نتكلم وحاجة...
"شيلي الحاجات دي". صوت عميق مخملي قطعني من أحلام اليقظة.
"إيه؟"
أشار بإصبعه ناحية عربية التسوق اللي اتقلبت على جنبها. فيها شوكولاتات. كتير منها.
أوه، يبقى هو صاحب العربية اللي شوفتها من شوية. بس ليه أنا اللي أشيلها؟ هو اللي وقعني ودلوقتي أنا اللي غلطانة؟ بتهزروا صح؟ أي حاجة من الإعجاب اللي حسيت بيه في الدقيقتين اللي فاتوا اختفت على طول واتبدلت بغضب. وقاحة الراجل الوسيم ده.
حطيت إيدي على الأرض واتسندت شوية. بصيت له وللعربية بالتناوب وانفجرت ضحك.
لثانية، جزء من الثانية، شوفت عينه بتترعش. من المتعة أو الغضب، مش فارق معايا بصراحة.
"إيه اللي بيضحك؟" سأل بنبرة بتقول إنه مش مبسوط زيي.
"أنت. أنت مضحك قوي. جرب تبقى كوميديان. أنت اللي وقعتني، وما قلتش آسف، وحتى عندك الجرأة تقول لي أشيل حاجاتك. أكيد بتهزر". كل آثار الضحك اختفت من ملامحي. قمت من الأرض ونفضت إيدي.
مشيت ناحيته ببطء وأنا بحط لفة شعر ورا ودني.
"شخصيتك بتتناقض تمامًا مع ذوقك".
درت ضهري عنه وانحنيت عشان أشيل القهوة بتاعتي من الأرض. لسه محتاجة أكل جامد أو حاجة. لسه واقف مكانه لما درت ضهري تاني، بس المرة دي نظرته الباردة مميتة. مه! سلامة من كل شر.
بعد ما جبت شوية أكل أقضي بيهم كام يوم، رحت للكاشيرة بيهم. وأنا مستنية الشخص اللي قدامي يخلص، تي شيرت أبيض فجأة سد نظري. أوه! ده الوقح من شوية.
من غير أي اعتبار للي كانوا قبله، رمى العربية بتاعته المليانة شوكولاتات وتقريبًا كل أنواع الحلويات اللي في المكان ده. الراجل ده هيتعالج من السكر قريب، سجلوا كلامي ده.
قدام عيني، الكاشيرة الوقحة بدأت تحاسب على حاجاته. إيه الهبل ده؟!
"يا مدام! أنا كنت هنا قبله. ده غلط. وأكتر من كده، حاجتي أقل بكتير من حاجته". دفعت نفسي لقدام عشان أواجه الكاشيرة. هي مشغولة أوي بإنها تبتسم له بإغراء لدرجة إنها ما استوعبتش كلمة من اللي بقولها.
"يا آنسة، هخلص قريب. بس اهدي". ال*** لسه بتضحك للراجل. بصراحة ممكن أقتل حد لو ما أخدوش بالهم.
"جاية تحكي لي كلام دا، بس عشان شكله وأنتِ عايزة تتفشخِ فيه، صح؟" ده كفاية عشان تفوق من أحلامها.
لو النظرات بتقتل، كنت هكون تحت الأرض من زمان.
"إنتِ مين عشان تتكلمي بالطريقة دي؟" زمجرت.
"**** عطشانة. بس عشان نكون واقعيين يا ****، تقدري تتفشخِ فيه بعد ما أمشي. بس ده لو هو قدر يتغاضى عن ريحة اليأس اللي بتطلع منك". زهقت من اليوم الوحش ده وكمان عارفة إنها مش هتهتم بيا بعد كده، رميت العربية بتاعي على الكاونتر.
"باي فيليشا!" حسيت بعيون بتبص عليا وأنا ماشية. قاومت إني أبص ورا. البنت دي أكيد مولعة. المفروض أروح أجيب شوية ماكدونالدز. مش شايفه إني هقدر أروح المستشفى النهارده. هما دمروا مزاجي بنجاح.