يا **ليرا**، أسرعي! الزبون عم يستنى! خطفت الطرد من ايدين **سكرتيرة معتوهة** هادي عشان أركض أجيب دراجتي. أنا بشتغل ساعي في نيويورك، و **سكرتيرة معتوهة** هادي بس ضيعت علي دقائق ثمينة لأنه سوى التغليف غلط. الوقت فلوس، وأنا ما عندي وقت أضيعه.
أنا خلاص قطعت أكثر من 1000 كيلو اليوم، بس ودي أقدر أسوي سباقين أو ثلاثة كمان عشان أزيد راتبي اليومي. عشان أحقق أهدافي، أتسابق في الزحمة، وألف بين السيارات، وأحيانًا أشبك مع باص أو تاكسي عشان أزيد السرعة.
زبوني اللي بعده في وسط مانهاتن. لازم أروح مبنى **فيروني**، في واحد من أحياء الأعمال في التفاحة الكبيرة. دا مكان عمري ما دخلته، مع إني بشتغل كدا، لأنو حي من أحياء مصاصي الدماء، وهم عادة يستعينوا بخدمة الناس اللي يقدموا خدماتي. بس، ما عندي مشكلة أروح هناك لأن الفلوس مالها ريحة، ولا عرق، ولا بلد، ومهما كانت من فين تجي، آخدها من غير ما أخجل.
بأتابع الـ GPS بعيني، وأنا أطالع المباني اللي حولي، وأفكر بخفة ايش أتوقع. على حد علمي، عمري ما قابلت غير بشريين، وعلى عكس باقي الناس اللي أقابلهم، عمري ما اهتميت بيهم. لحسن الحظ، مصاصين الدماء هم الأكثر عرضة للخطر، فبالرغم من إني عايشة في حي كله من جنسي، عندي شوية معلومات عنهم.
أول شيء، وأنا عارفة إنهم في يوم من الأيام كانوا يصطادوا جنسي عشان ياكلوا، مبسوطة إني محمية بالاتفاقية الأساسية. دي اتفاقية عدم اعتداء تمنع الصيد الغير مصرح به، واستهلاك الأفراد الآخرين.
حتى لو عمري ما وثقت في العدالة أو القانون عشان يدافعوا عني، المكافأة اللي بتعرضها علي شركتي لاني أروح بعيد كدا عن حيّي المعتاد بتساعدني أخفف الحذر شوية. لو الأشياء ما مشيت تمام، راح أعلمكم. على أي حال، دي مو أول مرة اضطر أهتم فيها بسلامتي.
أسنِد دراجتي على الجدار، وأقول في نفسي، في النهاية، كل ذوات القدمين اللي شكلهم آدمي، شكلهم واحد، فما احتاج أخاف منهم أكثر من غيرهم. وأنا أطالع المبنى بشبابه النظيفة، والخطوط اللي بتدوخ، أفكر برضو إن معظم الناس اللي جوة لازم يهتموا بصورتهم.
أكل ساعي التوصيل على الأغلب شيء مو كويس.
أرفع قبعتي على راسي، وأحط طردي كويس تحت ذراعي قبل ما أدخل من الأبواب الأوتوماتيكية وأروح للاستقبال، وأنا بطرد كل الشكوك من راسي. **المرأة عند المدخل** تراقبني وأنا أجي بنظرة قوية، وتعبس على بنطلوني الممزق عند الركب وقميصي اللي عليه صورة Carapuce. أنا عارفة كويس إني عديت سن بوكيمون، بس مو فارق معاي رأي العالم.
على أي حال، أنا مو هنا عشان عرض أزياء. من غير ما أعطيه فرصة يقول أي ملاحظة، أهاجم على طول:
"عندي طرد للسيد **فيروني**؛ لازم أروح فوق؛ الموضوع مستعجل!"!
هي مترددة تعطيني إذن أدخل للطوابق العليا، وتتأفف بقرف ولسة قاعدة تتفرج علي. ايش تظن؟ إني جيت أسوي جرافيتي في المبنى؟
"طيب، في أسوأ الأحوال، أقدر أسيب الطرد عندك!" أقول وأنا أهز كتفي. بالنسبة لي، مو مشكلة؛ كنت حأقول، "أنت اللي غلطانة لو الزبون ما أخذه في الوقت المحدد."
تعض على شفتيها، وهي قلقانة، وتلعب بملفاتها، وبتوزن الإيجابيات والسلبيات، وأنا أمثل إني بلف وراي.
"تمام، تمام!" تجاوبني في النهاية بطريقة مو كويسة.
إستراتيجية ساعي التوصيل رقم واحد: لما تكون المقابلة مو دافية، عارض هدوء ظاهري، وبعدين لمح إن المحاور بيخاطر بمنصبه. دي واحدة من التقنيات المفضلة عندي. أحب أشوف رؤساء الأقسام الصغار وهم يتحولوا من الغرور للخوف. بابتسامة ساخرة، أراقب وهي بتمد لي شارة بأطراف أصابعها.
"لازم ترجعوها وأنتوا ماشيين!" تبصق عليّ، وهي تلف على طول عشان تواجه شاشة الكمبيوتر.
"يا سلام!" أقولها بنبرة حامضة. "أنا اللي حلمت إني أبدأ مجموعة!"!
أغادر وهي ترمي لي نظرة جانبية غاضبة. العكاز ما كان ضروري، بس أضفته كإضافة للمرح.
أدخل من باب المصعد، وألاقي نفسي مضغوطة في نص مجموعة رجال ونساء ببدلات داكنة صارمة، لابسين على الموضة. أعتقد إن معظمهم مصاصين دماء، بس ما أعرف مين هم، وفي أعماقي، مو فارق معاي. أفكر بس في مكافآتي، وفي نفس الوقت، أتزحلق في زاوية عشان أشوفهم أحسن.
في النهاية، أركض للمكتب المحدد، وأدق على الباب قبل ما أدخل من غير ما أنتظر جواب. في النهاية، كل ما أخلص بدري، كل ما أطلع من المكان دا اللي بيخليني مو مرتاحة شوية.
في عجلي، أجي وجه لوجه مع رجل طويل، بشعر أسود، لابس بدلة وربطة عنق، وأصطدم فيه، وأنا متجمدة في مكاني.
وأنا أتذمر ضد الناس اللي عندهم أجسام كبيرة، آخد خطوة لورا؛ بس، بالكاد أتحرك وهو يمسكني من دراعي.
"ريحتك مرة حلوة..." يقول لي بصوت فيه أحلام وهو يوسع فتحات أنفه.
أغمض عيني، وأنا مستغربة، وأفكر إنه ما شكله صاحي. أرفع حاجبي، وأنا مستغربة، وأحاول أفلت نفسي وأشرح له ايش بسوي هنا.
"عندي طرد للسيد **فيروني**!"
ما يتركني، وعيونه السودا تتفرج علي بنية الدخول لروحي.
"أنا هو!" يقول دا وهو ابتسامة ملتوي تمتد على شفايفه. يا له من صدفة! أعتقد إننا مقدر لنا...
أقطع عليه كلامه، اللي أحس إنه حيكون تقيل مرة، بإنّي أضغط الطرد على صدره بطريقة فيها شوية عنف قبل ما أسلمه التابلت حقي عشان يوقع.
"وقع هنا، لو سمحت!" جاوبت ببرود، وأنا أدفع فيه عشان يترك دراعي، اللي لسة ماسكه بقوة.
لما أخيرا قرر يفك قبضته عن معصمي، وهو بيمسك الطرد بشكل لا إرادي، أوريه الشاشة والمكان اللي لازم يوقع فيه. مهما كان، خليك محترف. إستراتيجية رقم لموظفي التوصيل، التقنية عادة تنجح مع الناس اللي بيغازلوا على مستوى منخفض، والورقيين اللي متضايقين زيادة عن اللزوم.
للأسف، هالمرة جزء من اللعبة لأنه يتفرج علي من غير ما يتحرك، كأنه يستنى شيء غير الطرد، اللي ما يبدو إنه مهتم فيه أبدا.
عيونه بتلمع بلمعة ما تقول لي أي شيء مفيد. وأنا بأمل أخلص بدري، لأن كل مخاوفي تبدو إنها بتتحقق، أستأنف محاولة الحفاظ على هدوئي بالرغم من الإزعاج اللي بيزيد جوّاي.
"سيد **فيروني**، تبغى طردك ولا لا؟" سألت بإصرار.
بشكل غير متوقع، صوت ذكر آخر ساخر يتردد شوية أبعد.
"طيب، يا ريس، فيرموناتك بطلت تشتغل؟"
أميل راسي لقدام عشان أشوف أحسن ورا زبوني الغبي، وأكتشف رجل جالس على مكتب كبير من خشب الجوز بيتفرج علينا مبتسماً. فجأة بيقرب بخطوات مفترسة، واثق من نفسه، كأني حأذوب تحت سحره. أغمض عيني، وأنا أراقب دا الأشقر الطويل اللي بشرته باهتة، واللي بيتناقض بغرابة مع بدلته السودا.