ما شفتيهوش لسه، بس سمعت من زمايلي إن شكله يخوف.
القصر نادراً ما بيفتح بابه للكل. الليلة، هيتوج الملك الجديد لِذئاب المَذؤوبين، بعد ما يتحول لذئبه. الكل معزوم على المناسبة دي إلا أنا.
أبويا منعني من إني أغادر البيت وأرض القبيلة بتاعتنا. حبسني في أوضتي لوحدي وهددني إنه هيعاقبني عشان عصيت أوامره.
مش عارفة ليه أبويا اتغير فجأة. ما كانش كده معايا لما أمي كانت عايشة. كان دايماً معصب مني، ودايماً بيعاقبني على حاجات تافهة. يا ريت أمي كانت هنا، ما كانتش هتخليني لوحدي. أكيد كانوا هياخدوني معاهم ونحتفل مع الناس.
'ما ينفعش يعملوا كده معايا. لازم أشوف تحول الملك الجديد.' قلت لنفسي.
أحياناً عايزة أكون حرة وأعمل الحاجات اللي عايزة أعملها. عايزة أجرب إني أعيش حسب قراراتي.
أخدت شنطتي وحطيت فيها شوية هدوم زيادة. كسرت شباك الأزاز وقفزت من الدور الرابع.
عارفة إنه هيتضايق مني ويعاقبني لما يعرف اللي عملته، بس مش عايزة أفكر في الموضوع ده دلوقتي.
جريت بسرعة أول ما تحولت لذئبي.
تجاهلت كل حاجة جت في بالي، لأني عصيت أمر أبويا.
كنت عارفة إنه هيربطني تاني في شجرة الخطيئة، اللي فيها دفن جثة أمي. الشجرة دي بتفكرني بأحزن حدث في حياتي، اللي كل حاجة بدأت تتغير فيه.
حاسة بالإرهاق بيملى جسمي، ورجلي بدأت تضعف من الجري الكتير. المملكة موجودة في وسط كل القبائل.
لما وصلت لمكان الاحتفال، شفتي عدد كبير من ذئاب المَذؤوبين اللي حضروا الحدث ده.
قدام المسرح واقف الملك اللي هيتقاعد بعد ما ابنه، زيوس، يبدأ التحول الليلة.
شفتي كمان أبويا قاعد في الصف الأول مع بيتا بتاعه وألفا تانيين مع بيتا بتاعتهم.
تحولت تاني لشكل البني آدم وحطيت هدومي.
الذئاب الإناث ممكن يتحولوا في عيد ميلادهم التمنتاشر، بينما الذئاب الذكور بيتحولوا في عيد ميلادهم الواحد والعشرين. بس الدم الملكي مختلف، بيتحولوا لما يوصلوا لخمسة وعشرين سنة، بس بيكونوا أقوياء حتى في شكلهم البشري.
ابتسمت لما شفتي شكله وهو بني آدم. وسيم أوي من اللي سمعته من المحاربات الإناث في القبيلة. وجوده بيخليني عايزة أجري عليه وأبوسه أوي، بس بتذكر سمعته. هو مش من النوع اللي هيسمح لأي حد يقرب منه، حتى البنات.
هزيت راسي. التفكير ده مش لغير رفيقي.
درسته وهو مش مبتسم خالص. بتساءل ليه.
'حان الوقت يا ابني، القمر في أعلى نقطة له.' قال الملك.
لما نور القمر ضرب المسرح الدهبي، الملك الجديد بدأ يتحول. الكل سكت للحظة، كأنهم حبسوا نفسهم.
شايفة كل سنتي في جسمه بيعرق وهو التحول بيبدأ. ما عملش أي صوت، كأنه بيعاني. عظمه بدأ يتحرك لغاية ما الفرو ظهر، وتحول لذئبه.
ده بجد يجنن!!!!
الراجل الوسيم اللي كان موجود، بيتحول لذئب أسود ضخم بمنتصف الليل عليه علامة هلال بيضة في جبينه. دي علامة الميلاد لكل ملك في شكل الذئب بتاعه، بس اللون مش دايماً أسود. الملك اللي قبله كان ذئب بني.
الكل بيصرخ 'عاش الملك الجديد، عاش الملك زيوس!' وانضميت ليهم من هنا.
لسه بصوت لما شفتي أبويا بيبص في اتجاهي. عينينا اتلاقت، وبكدة عرفت إني في ورطة. تحولت تاني لشكل الذئب وجريت بأسرع ما يمكن للبيت.
عارفة إنه هيعاقبني، دايماً بيعمل كده.
وصلت لبيت القبيلة في وقت قياسي وقفلت باب أوضتي. عارفة إن مفيش مهرب من غضب أبويا، حتى الباب المقفول مش هيقدر يمنعه إنه يأذيني.
وكأنه سمع أفكاري، الباب فتح بعنف، وأبويا اللي شكله غضبان مسكني من شعري وسحبني بره لشجرة الخطيئة، اللي فيها كل أفراد القبيلة بتوعي موجودين بالفعل وشاهدين على عقوبة مؤلمة تانية.
إزاي قدروا يجوا هنا بالسرعة دي؟ فكرت إنهم هيفضلوا شوية كمان عشان يهنوا الملك الجديد.
'كام مرة لازم أقولك إنك لازم تسمعي كلامي؟ كام مرة؟' صرخ وهو بيسحبني بره وبيربطني في الشجرة.
'بابا، أرجوك، أنا بس عايزة أشوفه وهو بيتحول، بس. محدش شافني غيرك.' قلت وأنا بعيط.
'قلتلك، مينفعش تيجي وعصيتيني يا كاثارينا.'
'بابا، خلاص، كفاية. ده مش هيساعد إن الأمور تتحسن.' صرخ أخويا سام.
'أنت عارف إيه هو قانوننا، أنا ألفا وأختك عصتني. لازم تتعاقب.'
'بابا، ده كتير عليها. آخر مرة عاقبتها كانت عشان اتكلمت مع ضيوفنا. هي أختي ومفيش حاجة غلط في اللي عملته النهاردة. كلنا لازم نكون هناك.'
'Sammuel، أنت كمان بتعصيني؟ ليه دايماً بتاخد صفها؟'
'لا يا بابا، بس عايزك تدرك إنها أختي وبنتك أنت كمان!!'
'سام، عادي، أنا غلطانة، فليكن. اتعودت على ده.' قلت وأنا ببص في عيون أبويا. عيونه اللي كانت مليانة حب وسعادة في يوم من الأيام. عيونه اللي كانت بتبصلي كأني أغلى طفل في الدنيا، دلوقتي ماسكة السوط اللي معمول مخصوص عشاني. عليه بقع من دمي من عقابي السابق الأسبوع اللي فات، لما خرجت من بيت القبيلة وقطفت شوية ورد من جنينة الخلفية لما جه راجل واتكلم معايا. مش فاكرة إن ده هيخلي أبويا يغضب أوي كده.
'ده عشان عصيانك يا كاثارينا، ويارب دي تكون المرة الأخيرة.' وبعدين حسيت بيها. نوع الألم اللي بستقبله بقالي تقريباً تمن سنين. كل ضربة سوط في ضهري بتديني قوة إني ما أبينش أي مشاعر؛ ألمي، حزني، وجرحي ضد أبويا.
مش هعيط تاني على العقوبة الغبية دي. اكتفيت منها. ممكن أتحمل كل ضربة بس عشان هو يحس بتحسن.
'يارب المرة دي تتعلمي درسك.' قال بابا.
'بجد يا بابا؟ ولا المرة دي لازم أدرك إن أنا السبب اللي أنت بتلومه على موت أمي.' دي آخر حاجة قلتها قبل ما أفقد الوعي.
*********
شفتي فراشة جميلة وتبعته لدخل الغابة. كنت لوحدي، عشان أمي بتحضر أكلنا. سألتها إذا كنا ممكن نعمل نزهة قريبة من النهر، وهي دايماً بتنفذ طلباتي.
'Kath؟' قالت وهي بتبص حواليها.
ما سمعتهاش لأني كنت مشتتة أوي بالفراشة الجميلة دي لغاية ما وصلت للكهف اللي بيعيش فيه الدب.
'آآآآآآآآآآآآآآه!' دب ظهر فجأة وهاجمني.
'كاثارينا!' صرخت أمي.
'ماما الحقيني! الحقيني!' صرخت.
فجأة أمي اتحولت لذئبة بنية جميلة وحمتني من الدب اللي بيحاول يمسكني.
كانت عارفة إنها مش هتكسب، وبغمضة عين، الدب ضرب صدرها وأصبح الدم بينزف.
'كاليشا!!!!' صرخ أبويا، وفجأة كتير من محاربي القبيلة هاجموا الدب وقتلوه.
'كاليشا، متسبنيش. محتاجين دكتور القبيلة دلوقتي!' صرخ، بس قبل ما يوصل دكتور القبيلة، أمي ماتت.
أبويا سألني إيه اللي حصل، ولما حكيتله السبب. بص في وشي وصفعني. ده اليوم اللي بدأ فيه أبويا يتغير.
كل ما أغلط كان بيربطني في شجرة الخطيئة ويجلدني مرة ورا مرة لغاية ما أفقد الوعي. الشجرة دي هي اللي فيها دفن أمي. هي اللي كان بيعاقبني فيها كل ما كان عايز.