أمس وصلت زينة عيد الميلاد، بس كنت تعبانة بعد اجتماع مجلس الإدارة. الحمد لله إنه يوم سبت! عادةً أكره الويكند، لأني عايشة لحالي وصديقي داني عنده شركة مقاولات. من لما كبرت شركته وهو يشتغل برا المدينة أكثر من بيته. وهذا يخليني لحالي مع شغلي، على الأقل فيه شغل تزيين. كنت أبي هالسنة تكون أحلى من السنة اللي فاتت عشان أختي هيلي بتجي للعطلة. أول كريسماس لنا سوا على الإطلاق.
نفضت رذاذ الثلج الصناعي. مشيت لعند شجرة الكريسماس الضخمة اللي جبتها الأسبوع اللي فات. كانت صناعية، بس خططت أزين الحقيقية برا مع هيلي. رشيت الأخضر الزاهي لحد ما صار كله أبيض ثلج.
‘عظيم!’ ابتسمت.
أخذت علبة الزينة القديمة من السنة اللي فاتت من الكرسي الطويل الأبيض على شكل حرف L. الكراسي البيضاء رفاهية ببيت ما فيه عيال، بس مع صديق مثلي اللي ما يشوف الاستحمام ضرورة، هالكراسي تتنظف كثير.
بعد ما زينت نص الشجرة، اكتشفتي كرات الثلج اللي جبتها السنة اللي فاتت. وحدة فيها صورة لي أنا وأمي. من كم كريسماس قضيناه سوا. أمي توفت من كم سنة، بس للحين أتمنى إن الأمور كانت غير بيننا وعاشت عشان تشوف نجاحي. دايمًا أتخيل كيف كان بيساعدها.
حطيت كرة الثلج اللي فيها أنا وأمي على المنضدة جنب المدفأة. ما أقدر أنتظر عشان أولعها. تحتاج جوارب بعد. الكرة الثانية ما كان فيها اسم المرسل. كانت حلوة وأحبها، بس ما أعرف مين اشتراها.
كانت هدية سانتا السرية من السنة اللي فاتت. الملاك الصغير بالكرة تركوه في علبة زرقا على مكتبي بالشغل. مكتوب عليها بس من سانتا السري. ما حطوا علي أحد أعطيته هدية، بس أنا استلمت وحدة. لما أصحاب سانتا السري كشفوا عن نفسهم، ما أحد تقدم. وجتني هدية ثانية يوم الكريسماس. فكرت إنه بين، بس مستحيل يتعب نفسه لهالدرجة.
حطيت الكرة اللي ما فيها اسم مرسل على المنضدة جنب الثانية. أتمنى لو يكشف عن نفسه في يوم من الأيام، لحد ما أنسى الموضوع. شجرة الكريسماس حقتي فيها كور، ملائكة، سانتا، رقاقات ثلج وأضواء! أضواء ذهبية ساطعة.
نزلت الشمس وغرفة جلوسي تحولت بالكامل. تهورت بالمحل اليوم الثاني واشتريت زولية كريسماس. داني بيفكرها بشعة، بس أنا جد كنت أشوفها منسجمة مع الثيم.
‘يااااه، تجنن!’ صرخت.
حتى ما رحت للمطبخ للحين. أبي أحد يعلق أضواء زيادة بالسقف يوم الاثنين. شديت الروب علي وسحبت المنشفة اللي تثبت شعري المبلول. خصل من الشعر الأشقر الغامق الكثيف طاحت على كتفي.
رائحة غسول الجسم الطبيعي بزيت الزيتون والخزامى اللي أستخدمه، ملت أنفي. كان واحد من المنتجات اللي شركتي بتطلقها بهالموسم الاحتفالي. الشركة اللي بديتها مع بين أنتجت منتجات للعناية بالبشرة والسيراميك. السيراميك صار ينباع بسرعة بهالموسم، قاعدين نحصل صفقات من شركات واجد تبي تتعاون ومستثمرين. كان شي عظيم، يعني مكافآت أعلى لموظفيني. أغلبهم ظلوا من البداية من ست سنين تقريبًا. بالذات ممتنة لمساعدتي مارشا اللي تضمن إني ما أقص راسي وأرميه على الحيط.
رن جرس الباب وهزني من أحلام اليقظة. ما كنت أنتظر أحد، بالذات الساعة ثمان بالليل. يمكن دونا جارتي.
فتحت الباب، ونسيت إني بالروب. رجل التوصيل لمح كم مرة. عضيت شفتيي. كان مفروض أتأكد مين قبل.
‘أممم… وقعي هنا لو سمحت.’ قال.
أخذت القلم وكتبت توقيعي. أعطاني علبة متوسطة.
‘ما فيه اسم المرسل؟’ سألت.
هز راسه، ‘بس نزلوها.’
‘شكرًا على كل حال.’ سكرت الباب وراي.
‘غريب على كل حال.’
حطيت العلبة البنية على طاولة القهوة الزجاجية. ما كان مفروض أدخلها، يمكن قنبلة؟ على كل حال، مين يبي يقتلني؟ رحت للمطبخ وأخذت سكين. ما تحرك ولا شي على الأقل.
‘خليني أشوف وش جاني.’
قطعت مكان الشريط اللي يمسك العلبة. فتحت الفوق واكتشفتي فقاعات.
تنهدت.
طلعت الغرض الملفوف بالفقاعات، وطلعت معاه بطاقة.
‘بدري على هدايا الكريسماس، بس مين يقول لا للهدايا؟’
وبعدين فكيت التغليف. علبة سودا صغيرة كانت هديتي. شهقت لما انفتحت. أخذت البطاقة، وأنا أطالع السلسال الذهبي بحجر زمردي يطابق عيوني.
‘على عكس الأوشحة المحبوبة اللي تزين صدرك، أتمنى يعجبك. مخلصتك.’
أرسلت العلبة ودققت النظر بالبطاقة. كانت قطعة ورق بيضاء مطوية من النص. مكتوبة بخط اليد بعد، بس ما أعرف الخط. ولا عمري اهتميت بخط الناس على كل حال. هدية بهالقيمة ما عليها اسم. مجوهرات إيفانجليكال صالون مجوهرات فاخر، مو أي أحد يشتري منه كذا.
‘بيكون عار ما ألبسه. بس أبي أعرف مين أشكر.’
أفكاري رجعت لسانتا السري من السنة اللي فاتت. مستحيل يكون هو. كتبت ملاحظة عشان أتصل بخدمة التوصيل بكرة. لازم يعرفون شي.
***
صباح الاثنين، الشمس رفضت تطلع من تحت السما. ما كنت أشتكي. لبست وشاح قطني رمادي حول رقبتي، وجزم جلد سود، وفستان ضيق كريمي. طالعت علبة المجوهرات الغالية اللي على التسريحة بغرفتي. شركة التوصيل قالت إنهم ما يقدرون يعرفون هوية الشخص. انشرت من إيفانجليكال، ووصلت شخصيًا للشركة مع عنواني عليها. مدفوعة كاش. ما راح يدورون بالكاميرات بعد. ما أدري وش أسوي فيها. رميتها بشطنتي على أمل إن أحد يتقدم.
أوقفت دونا جارتي، وهي طالعة من بيتها ماسكة كيس زبالة، وتحضن بطانية على صدرها.
‘صباح الخير دونا.’ ناديت.
لفّت عليّ بأنفها الأحمر.
‘أهلين يا حلوة. جوك صح؟’
ابتسمت، ‘إيه. تمام؟’
‘إيه، بس حرارة، ما فيه شي خطير.’
‘تحتاجين شي من الصيدلية؟’
دوناوحت بإيدها الثانية. ‘تعرفين ما أحب هالأشياء. شوية عسل وزنجبيل وأكون كويسة.’
‘شوربة دجاج بالخضار لما أرجع من الشغل.’ فتحت باب السيارة.
دونابسمت، ‘أنتِ ملاك بزيادة جنى.’
لوحت وقفزت بسيارتي البيج البني. كان بني لامع غامق. ما هو لون أشوفه كثير ببلدتي الصغيرة ستيبل كاونتي، بس مميز.
صفيت السيارة بموقف البناء تحت الأرض اللي انتقلنا له بداية السنة اللي فاتت. الانتقال لهنا كان علامة على إن شغلي مزدهر.
‘أهلين جنى.’ قال روي، وهو يضغط الزر بمفاتيح سيارته عشان يقفلها.
‘أهلين روي,’ ابتسمت.
روي هو رئيس التسويق. له ثلاث سنين معنا، بس بفضل خبرته، منتجاتي نشوفها بكل أنحاء البلد. عنده أفكار لامعة بس هو خجول. ما يعرض أفكاره إلا لما يكون لحاله معي أو مع فريقه. لو فيه أحد ثاني، يجلس ويراقب.
ركبنا المصعد سوا، ونسولف عن أشياء بسيطة مثل الهدايا وخطط العطلات. لقينا الكل متجمع بغرفة الاستراحة. مارشا ماسكة لوحة بيدها وتتكلم مع مجموعتي الصغيرة من الموظفين.
‘إذا حفلة الكريسماس بعد أسبوعين. بتحدد نهاية سنة ناجحة!’ قالت.
صفقت مع الكل. بين اتكأ على الطاولة، شافني وغمز.
‘وبالإضافة إلى ذلك، ما راح يكون فيه سانتا سري هالسنة.’ أضافت.
تغيرت ملامح وجهي. ما فيه سانتا سري. الشخص اللي أرسل لي السلسال ما يعرف هالشي. استعجل. يمكن يتقدم. كتفيّي ارتاحت شوي.
‘لا، مو عدل.’ تذمر أحد.
‘جاني كرت هدية بمية دولار السنة اللي فاتت.’ أضاف آخر.
مارشا صرفت الجموع والكل رجع لشغله. بين اختفى لمكتبه وتنهدت. مرت ثلاثة شهور على نهاية علاقتنا الأسطورية. اكتشفتي عن صديقته الجديدة بعدها بشهر.
دخلت مكتبي، اللون البني الفاتح خلى الغرفة تحسس بالراحة. رميت شنطتي على الطاولة. مارشا دخلت بعد ثواني.
‘تذكرين إن عندك موعد مع مورد سيراميك محتمل بعد الظهر.’ قالت.
‘مو المفروض بين ياخذ هالشي؟’ سألت.
نزلت راسها على جنب بعدين رجعته على طول.
‘إيه، بس فكرت إنك لازم تكونين موجودة بعد.’
هزيت راسي، ‘ليش ما بنسوي سانتا سري هالسنة؟’
‘حبيت أغير الأشياء، تعرفين أخليها جديدة. بتكون أول حفلة مكتب لنا من لما انتقلنا.’
‘إيه، صح.’
‘كنتِ متشوقة لها هالسنة؟ نسيت إنك ما حصلتي على أحد السنة اللي فاتت. ما أدري شلون صار هالشي بجد.’
‘لا، لا. تمام معي. جاني هدية أتذكرين؟ أنا… جاني وحدة ثانية اليوم.’
رفعت حواجبها. ‘من مين؟ بين؟’
هزيت راسي، هو مع أحد ثاني، تعرف هالشي.
‘ما فيها اسم المرسل.’
‘وش كانت؟’
طلعت العلبة السودا ووريتها لها. عيونها تحولت لصحون.
‘اللعنة! سانتا السري هنا جد. جاني قهوة السنة اللي فاتت.’
ضحكت، ‘هذي غلطتك لأنك تشربين واجد. على كل حال، أعتقد هالشخص استعجل.’
هزت راسها، بدت كأنها التفسير المحتمل. قرأت لي جدولي المزدحم وراحت. ما قدرت أوقف عن التفكير بسلسالي الجديد. كانت هدية مكلفة جدًا. ما أقدر أخليها تجلس بالعلبة. اللي اشتراها فكر فيها واجد. مين ما كان.