«هيه، وش في؟ ليش وجهك مكرمش؟» بدل ما أجاوبه رميت الورقة المتكتلة على الطاولة.
لما طلعت من مكتب عميد، على طول تجعدت، لأني كنت متضايقة.
«سقطتي؟ سقطتي في اختبارك؟»
لفيت عيني. «أكيد، توسي؟»
«اهدي حبيبتي، بس بسأل. ليش عندك مشكلة؟ الأستاذ مو لهالدرجة سيء. السيد تامور هو أستاذك هنا، صح؟ ما تمزحين مع هالشايب؟»
«هذي هي المشكلة. السيدة شيطان مو أستاذتنا بعد!»
«بجد؟ ما كنت أعرف هالشيء.»
«كيف تعرف إذا كل مرة نكون مع بعض فيها، شفاهنا هي اللي تتكلم؟» ابتسم توسي.
«ليش؟ التقبيل أحسن بكثير من الكلام، سيليسا.» نظر إلى شفتيي.
«وهالكلام ممل.» انحنى للأمام.
«ممكن توقف؟ ما أقدر، تمام؟ متوترة بسبب هالاختبار. تدري إن السيدة شيطان هددتني لو ما نجحت في اختباراتها واختباراتي، راح تسقطني وما أقدر أتخرج!»
يغ!
«وتصدقينها؟»
«طبعاً؟ أكيييد أصدق هالأستاذة المرة! أسقطت طلاب وايد كانوا راسبين الحين!»
«شيء كويس إننا مو عند السيدة شيطان!»
«هالأستاذة المرة جدًا مزعجة! أكيد السبب أكثر من كذا. يمكن تغار لأني أحسن منها! أجمل منها! صعب جدًا تكونين جميلة!»
«صعب لأنك ما تستخدمين جمالك صح.» قال توسي. عبست.
«ايش تقصد؟» ظل نظري على توسي المبتسم. كان مشغولًا بتدريبات كرة السلة، فكيف صار الأول في صفه؟ على حد علمي ما عنده وقت. وكمان، توسي كسول جدًا، فكيف يكون بالأول؟
«ما تساءلتي ليش درجاتي وايد عالية حتى لو ما أحب الدراسة؟»
«تساءلت، قبل ما تقول هالشيء. طيب، ايش السر؟ عندك كود غش أو شيء ثاني؟ قاعدة ترشين الأستاذة—»
«بهالطريقة تشوفيني، سيليسا؟» لفيت عيني.
«لا تخليني أضحك، توسي. نعرف إنك سويت كذا، وأكيد مو أنتم الاثنين بس اللي كسرتوا قوانين المدرسة.»
«تعرفيني زين حبيبتي،» قال، ثم قبل جانب شفتيي.
«وقف تمزح، توسي. قل لي كيف أقدر أنجح في اختباراتي؟ ما أحتاج أكون الأولى. بس أبغى أنجح عشان السيدة شيطان تسكت!» ضحك صديقه بصوت أعلى.
«عشان كذا السيدة شيطان جالسة تغلي!» قال هيرو.
«صحيح إنها زوجة الشيطان، لأنها جدًا سيئة! كم حلم كسرت؟ المفروض الأستاذة تدعم طلابها، مو تنزلهم. زي ما هي تسوي. قاعد ينهار!»
أحس بدمي يغلي كل ما دخلت هالصف. كأن أستاذتي عندها ثأر شخصي ضدي وما تقدر تصبر عشان تمسكني وأنا أسوي شيء غلط. كل غلطة صغيرة أو زلة تلقى توبيخًا قاسيًا، وبدأت أتعب.
أعرف إني مو كاملة، بس كأن أستاذتي تتوقع مني أكون كذا. كل ما أغلط، كأني ارتكبت جريمة. ومو أنا بس – أستاذتي شكلها حاطة في بالها الصف كله. دايمًا نتعاقب على شيء، سواء نتكلم وايد أو مو منتبهين.
اللي يخليني أتجنن هو نبرة صوت أستاذتي لما توبخنا. كأننا مجموعة أطفال مشاغبين لازم ننحط في مكاننا. والأسوأ هو إن أستاذتي ما تبدو واعية إن هالشيء يحبط. في كل مرة أتعاقب فيها، أحس إني أصغر وأصغر، كأني مو كويسة بما فيه الكفاية.
مو إني أقصد أخرب الصف أو أسبب مشاكل. أحيانًا بس أمل أو أتشتت، زي أي مراهق ثاني. بس بدل ما تحاول تشاركنا أو تخلي الصف ممتع أكثر، أستاذتي بس تركز على إمساكنا ونحن نسوي شيء غلط.
أعرف إن الأستاذة عندها وظيفة صعبة، وإنها لازم تحافظ على النظام في الصف. بس فيه فرق بين التأديب والتوبيخ المستمر. كأن أستاذتي ما تثق فينا عشان نتخذ قراراتنا أو نتعلم من أخطائنا. بدلًا من كذا، دايمًا نتذكر إننا ما وصلنا للمستوى المطلوب.
أتمنى أستاذتي تشوف قد ايش هالتعنيف المستمر يأثر فيني. صعب بما فيه الكفاية نجتاز اليوم من غير ما نحس إننا فاشلين في كل خطوة. ما أعرف ايش راح أسوي إذا استمر هالشيء – ما أقدر أتحمل هالضغط السلبي المستمر.
«كيف راح تنجحين إذا دايمًا مع توسي —»
«راح تسكت، هيرو؟ ما تساعد، فـ سكر فمك.»
«تمام!» قال، ثم وقف.
«اهدي حبيبتي.» توسي يدلك كتفي.
«كيف أهدى؟! راح أرسب توسي! ما أقدر أتخرج!»
«تذكرين اللي قلته لك قبل شوي؟»
«قلت وايد قبل، أي واحد منهم؟»
«استخدمي جمالك.»
«ايش؟! ما فهمت إن السيد تامور مو أستاذنا بعد؟ ابتسامتي البسيطة ومكياجي ما راح يشتغل! هالمرة ما أقدر أستخدم وجهي الحلو. بسبب هالوجه الحلو أسقطتني! هذا هو السبب الرئيسي، فكيف أقدر أستخدمه أكثر؟»
هز توسي رأسه.
لمس ذقني برفق وأشار بالإتجاه الصحيح.
«استخدمي جمالك عليهم.» عبست.
المهوسين صفوا في الكافتيريا.
«ليش أستخدم جمالي عليهم؟»
«طالعيني، سيليسا.»
«أوه ايش عندك؟»
«أنا وسيم، صح؟»
«طيب؟»
«البنات راح يسوون أي شيء عشان بس يلاحظوني. خاصة المهوسين زي ذولي. بس ابتسامة مني، راح يجاوبون على واجباتي.» فتحت فمي. عشان كذا درجاته وايد عالية! بسبب هالمهووس!.
«شفتيي البنت اللي هناك؟» نظرت لمهووسة.
«أعرف إني أحسن من هالمهووس توسي. هذا اللي تحاول تقوله؟ ايش العلاقة بين درجاتي وهالمهووسة؟ مو فاهمة.»
«هي اللي تسوي لي واجباتي ومشاريعي.»
«ايش؟»
«هي اللي تجاوب على اختباراتي واختباراتي.» ليش ما انتبهت؟
صار لي كم شهر مع حبيبي، ولازم أعترف، أنا محتارة شوي في كيف قاعد يسوي زين في المدرسة. أقصد، لا تفهموني غلط، هو ولد ذكي، بس مو من النوع اللي يفتح الكتب دايمًا. ومع ذلك، بطريقة ما، يقدر يحصل على درجات أعلى مني، حتى لو إني أدرس بجد وأبذل مجهود كبير.
في البداية، فكرت يمكن بس موهوب بشكل طبيعي أو عنده نوع من الذاكرة الفوتوغرافية. بس كل ما أراقبه أكثر، كل ما أدركت إنه مو مهتم بالمدرسة زيي. نادرًا ما يدون ملاحظات في الصف ونادرًا ما يسوي واجب، ومع ذلك يقدر يتفوق في الاختبارات.
هذا محبط، أقل ما يمكن قوله. ها أنا، أبذل كل هالشغل والتوتر بس عشان أواكب، وهو يمشي بسهولة. حتى إني حاولت أسأله كيف يسوي كذا، بس يكتف بهز كتفه ويقول إنه 'متكفل بالموضوع.'
ما أقدر إلا أني أتساءل إذا فيه شيء أنا فاقدته. يمكن يدرس سرًا لحاله، أو يمكن هو بس أحسن مني في الاحتفاظ بالمعلومات. بس جزء مني ما يقدر إلا أن يحس إنه مو بيلعب صح. كأنه عنده ميزة غير عادلة أنا ما أملكها.
من ناحية أخرى، يمكن بس قاعد أبالغ. يمكن هو فعلًا موهوب بشكل طبيعي، وأنا لازم أكون سعيدة عشانه. على كل حال، مو منافسة، وطالما إحنا الاثنين كويسين في المدرسة، هذا هو المهم.
بس لسه، ما أقدر أتخلص من الإحساس إنه فيه شيء قاعد يصير خلف الكواليس. يمكن بس لازم أراقبه عن كثب وأشوف إذا أقدر أعرف سره. على أي حال، محبط أحس إني أشتغل بجد بس عشان أواكب شخصًا ما يبدو إنه ما يبذل نفس المجهود.
«بس ابتسامة لها. راح تسوي أي شيء أبغاه. أبغاك تسوين كذا سيليسا. هذي هي قوة الجمال. أي أحد راح يسوي أي شيء تبغينه بس عشان يرضي أوسم واحد في هالمدرسة، سيليسا. أنا متأكد إنهم راح يسوون نفس الشيء لأجمل وأكثر بنت مثيرة في هالمدرسة. ذولي المهوسين راح يسوون أي شيء عشانك.»
دايمًا كان عندي شكوك في المهوسين وذكائهم المفترض. أكيد، يمكن يكونون أذكياء في الكتب ويعرفون وايد عن الكمبيوترات أو العلوم، بس هل يقدرون يتعاملون مع أي شيء غير كذا؟ يعني، بس لأنهم كويسين في حفظ الحقائق والأرقام مو شرط يعني إنهم يقدرون يطبقون هالمعرفة على مواقف العالم الحقيقي.
والحين عفت ليش.
كل ما أشوف مهووس يحاول يتولى القيادة أو يحل مشكلة، ما أقدر إلا أني أشعر بالشك. هل هم فعلًا قادرين على التعامل مع هذا؟ أو بس راح يتورطون ويدمرون الأمور؟
مو إني ما أحترم ذكائهم أو اهتماماتهم، بس لما يتعلق الأمر بالمهارات العملية والفطنة، عندي شكوك. يمكن هذا بس تحيزي أو عدم الأمان اللي يتكلم، بس ما أقدر إلا أني أحس إن المهوسين يركزون أحيانًا على إثارة إعجاب الآخرين بمعرفتهم بدلًا من استخدامها بشكل جيد.
ما قدرت أبعد تفكيري عن اللي قاله توسي قبل ما نغادر الطاولة.
بييا وآنا وصلوا في الوقت المناسب. إلى بعد ما أكلنا، اللي قاله ما اختفى من بالي.
راح يكونون مستعدين يسوون أي شيء أبغاه لأني جميلة وأنا بالفعل أعرف هالشيء بس ما أبغى أسوي شيء مع ذولي المهوسين.
«يا عاهرة، قاعدة تفكرين بعمق؟ إنفيرنس، تفكرين الحين!»
تنهدت.
«مو الحين بييا، عندي مشكلة.»
«ايش مشكلتك يا؟ مالية؟ تعرفين محفظتي دايمًا هنا عشانك لو محتاجة فلوس.»
«لا، ما أحتاج فلوسك الحين. بس عندي سؤال.»
«اسكبيها!»
«تعرفين أي رجال مهووس؟»
«بجد، سيليسا؟ شكلي كأني جزء من مجموعة ناس أذكياء يفتقرون إلى حس الموضة؟»
«بس أسأل بييا.» يمكن يطلب منك بعد واجب. بس في الحقيقة، ما سوت الواجب لأن مقالها ما فيه إلا ثلاث جمل في المقدمة والجسم والخاتمة.
«ما أعرف أحد تمام.»
تنهدت.
أعرف إني محتاجة مساعدة في هالواجب حق الرياضيات، بس ما أبغى أزعج صديقاتي. كلهم مشغولين بشغلهم، وغير كذا، ما أبغاهم يفكرون إني غبية أو أعاني. فـ أعتقد يخليني مع خيار واحد: أسأل مهووس.
بس كيف أسوي كذا من غير ما أبين كأني محتاجة أو يائسة؟ ما أبغى بس أمشي لولد عشوائي وأقول، «هيه، تقدر تساعدني في الرياضيات؟» هذا بس مزعج.
يمكن ألقى طريقة إني أثير الواجب بشكل عابر وأشوف إذا يعرضون المساعدة. أو يمكن أسأل عن رأيهم في موضوع يتعلق بالرياضيات وأقيم رد فعلهم. إذا بدا عليهم المعرفة والاستعداد للمساعدة، بعدين أقدر أطلب مساعدتهم.
بس ماذا لو قالوا لا؟ ماذا لو كانوا مشغولين أو ما يبغون يساعدوني؟ هذا راح يكون محرج ومخيب للآمال. ما أبغى أحط نفسي هناك وبعدين أترفض.
من ناحية أخرى، ماذا لو قالوا نعم؟ ماذا لو كانوا فعلًا مفيدين جدًا ويخلوني أفهم الواجب أحسن؟ هذا راح يكون ارتياح كبير ويثقل كاهلي.
أعتقد إن المفتاح هو إننا نتعامل معاه بثقة وما نخاف نطلب المساعدة. على كل حال، ما فيه شيء غلط في إنك تحتاج مساعدة وتطلبها. ومين يدري، يمكن حتى أتعلم شيء جديد وأصير نوعًا ما مهووسة بالرياضيات بنفسي.
نظرت حولي. وين بعد أقدر ألقى مهووس مستعد يجاوب على واجباتي؟
ما أحب أختار مهووس عشوائي.
لأنه ماذا لو كان مو ذكي جدًا؟
بعدين راح نسقط كلنا!
أحتاج أحد يسهل خداعه بما فيه الكفاية.
اللي ينجذب بسهولة بابتسامتي.
أحتاج مهووس عذري.
نظر نظري على الرجل اللي مر من بييا وأنا وتجنب عيوني على طول.
«بييا.»
«أوه ليش مرة ثانية؟»
«مين هذا؟» أشرت بإتجاهه.
«وين؟»
«أوه ماغنوس موريسون.»
«ماغنوس…» اسمه يبدو مثيرًا بس بصراحة العكس. فحصته بالكامل. لابس نظارات سميكة مدورة وقميصه البولو داخل بنطلون مربعة واسعة. ما يبدو كبير في السن بس هو خارج الموضة.
«صح ماغنوس، هذا هو.»
«كأني سمعت اسمه قبل.»
«ما أعرف عنك سيليسا، هذي أول مرة تهتمين بالمهووسين.»
«قولي لي عنه أكثر.»