ما كانتش مصدقة اللي بتسمعه في اللحظة دي. هل ده نوع من المزاح ولا إيه؟ بس الأكيد إن الراجل ده عمره ما هزق. عرفته لمدة شهر، وعمره ما هزق ولا حتى ابتسم.
الموظفين التانيين سموه لقب، كان معروف باسم "السيد بارد" بسبب البرود اللي بيطلعه في أي مكان بيروحه. كانت عارفة إنه راجل كويس؛ بس كانت الظروف هي اللي حولته بالطريقة دي، وده كان سبب من الأسباب اللي خلوها تحب الراجل ده جدًا، حتى وهي عارفة إنه عمره ما هيبصلها بنفس الطريقة.
فبعد كل التقييم ده، ليه بيقولها الكلام ده؟
"بتهزر يا أستاذ؟" سألته وهي بترنح لأنها واقفة على رجليها الاتنين.
"أنا مش شخص بيهزر. أنا فكرت إنك قولتي إنك هتساعديني لما أحتاج مساعدة. هترجعي في كلامك دلوقتي؟" الراجل ده كان محترف، إزاي قدر يخليها هي المعتدية في ثانية واحدة وهو اللي بيلقي قنبلة عليها.
"أنا قولت كده، بس ما فكرتش إنها هتنتهي بالطريقة دي"، قالت وهي بتقعد على الكرسي اللي قصاده.
"وعدتي، يبقى لازم تعملي ده عشاني، ولا عايزة تشوفي الذئاب دي بتاكلني؟" سألها وهو رافع حواجبه، وهي فهمت هو بيقول إيه.
عشان نكون صريحين، ما كانتش عايزة ده خالص. كانت تفضل تضحي بنفسها وتساعده. ده ما كانش صفقة وحشة في النهاية؛ هيكون عندها مكسبها كمان.
"يعني، ببساطة لازم أتزوجك؟" سألته مرة تانية.
"أيوة يا طفلة، تتجوزيني وتكوني زوجتي قانونيًا. هعتني بيكي وبعيلتك. لسه تقدري تروحي المدرسة زي ما كنتي؛ كل اللي أحتاجه إنك تكوني جنبي. أنا مش طالب كتير، مش كده؟"
هو بجد كان طالب منها كتير أوي. هو حتى ما بيحبهاش، ومع ذلك عايزها تتجوزه. هي كانت بتحبه وهتكون سعيدة بده، بس كان فيه مشاكل ما قدرتش تفهمها لوحدها، وكانت محتاجة شوية توضيح.
"مش قلقان خالص من سني؟" سألته.
"أنتي بالفعل بالغة يا حبيبتي، ومش قاصر، يبقى مش قلقان خالص. بس فكري في الموضوع واديني إجابة. هتقبل أي قرار تاخديه"، قال.
بصتله وشافت اليأس في عينيه. راجل زي ده مش هيجيلها إلا لو كان في أمر عاجل. فقررت تاخد أكبر قرار في حياتها في نفس اللحظة.
"هعملها، هتجوزك"، قالتله، وشافت ابتسامة على وشه.
دي كانت أول مرة تشوف واحدة على وشه. قدر يطلع نور كده بمجرد ابتسامة؛ وقعت في حبه أكتر.
ما عرفتش إيه اللي هيحصل في المستقبل، بس كانت هتواجهه بكل قوة. هي كمان تستاهل سعادتها، حتى لو كانت أنانية شوية.
------
بعد شهرين
سيلينا كانت سعيدة، ما كانتش مصدقة إنها نجحت بعد محاولة واحدة بس. كانت متوترة من الامتحان ده من أول ما بدأت الدروس. بس بما إنها نجحت وحصلت على رخصة القيادة دلوقتي، تقدر تسوق بنفسها. هو هيكون فخور بيها، كانت شايفة ده.
جوزها كان الشخص الوحيد اللي بيجيب السعادة لحياتها، خصوصًا مع كل العيون اللي عليها. افتكرت اليوم اللي زارت فيه أهلها في قريتها الصغيرة، الصدمة اللي كانت على وشهم لما قالتلهم إنها هتتجوز.
مع الوقت أقنعتهم، قالتلهم بصراحة إنها ما تقدرش تعيش من غيره، وإنه مصدر سعادتها. هما كانوا طول عمرهم عايزينها تكون سعيدة، فوافقوا أخيرًا.
اتربت في قرية صغيرة، والكل كان بيشتغل في المزارع أو المصنع. أهلها اتجوزوا بعد ما خلصوا المدرسة الثانوية، وخلفوها. كانوا حبايب من الطفولة، وعشان يحسنوا حياتها عن حياتهم، وفروا فلوس.
حصلت على كل الحب والرعاية اللي ما يقدرش أي طفل تاني يحصل عليها. كانوا عايزينها تدخل جامعة مشهورة، وهي قدرت تعمل كده. كانت عايزة تخليهم فخورين، فذاكرت زي المجنونة.
بسبب خلفيتها، ما عملتش أي أصحاب على الإطلاق، وده ما كانش مشكلة بالنسبة لها. كانت عارفة ليه جت للمدينة الكبيرة، وعمل أصحاب في مكان ما تعرفهوش كان مجرد خطر كبير بالنسبة لها، وهي ما كانتش عايزة ده.
رغم إنها اتجوزت وهي عندها تمنتاشر سنة، كانت لسه بتروح المدرسة، وكل حاجة ما كانتش زي زمان على الإطلاق. كانت الطريقة اللي بيبصولها بيها، وينادوها بأسامي ورا ضهرها. ما كانش جريمة إن واحد يتجوز التاني، يبقى ليه بيعملوا كأنها ارتكبت خطيئة كبيرة؟
"مبروك يا مدام"، قال السواق بتاعها وهي بتوصل للعربية.
"أنا اللي لازم أشكرك على كل المساعدة. ما فكرتش إني في فترة قصيرة أوي هعملها. شكرًا"، قالت وهي بتبتسم للراجل.
"أنا بس سعيد إني قدرت أساعد. عايزة تروحي فين بعد ده؟" سألها.
فكرت في الموضوع شوية قبل ما توصل لقرار.
"تيجي نروح نشتري حاجة ناكلها الأول"، قالت، والسواق فتحلها الباب، وركبت جوه.
خدت صورة لرخصتها الجديدة وبعتتها لجوزها اللي كان بره عشان اجتماع عمل. هو ما فتحش الرسالة، لأنه أكيد مشغول.
"إيه أخبار مراتك؟" سألت السواق، الراجل اللي كان سواقها من ساعة ما وافقت تتجوز جوزها.
ريتشارد كان راجل كويس، وهي بتحبه أوي، كان بيشجعها طول الوقت لما بتكون مكتئبة بسبب الناس دي اللي ما بتبطلش تدخل في اللي مالهاش فيه.
"هي كويسة أوي. كانت عايزاني أسألك لو لسه عايزة الشتلات دي"، قال، وهي افتكرت.
"تقريبًا نسيت الموضوع. هحب أخدها. أنا مخطط أعمل جنينة ورا البيت. شوية خضار هينفعوا"، قالت وهي بالفعل شايفة إزاي مشروعها الجديد هيمشي.
"ده هيكون رائع، لو محتاجة مساعدة، متتردديش تطلبي مني"، ريتشارد تطوع، وهي ابتسمت.
"هاخد ده في الاعتبار"، قالت.
العربية وقفت في مول الأكل المفضل عندها، ونطت بفرح من العربية وراحت على محل البيتزا. لما بتكون سعيدة بتحب تاكل منها.
ما قدرتش تشتري منها لما كانت عايزة زمان، لأنها كانت لازم توفر، بس دلوقتي بتشتري أي حاجة عايزة بفضل الكارت اللي جوزها أديهولها. رغم إنها مش بتستخدم الكارت بالطريقة اللي هو عايزها بيها، بس بتعمل اللي عليها في إنها تصرف فلوسه بطريقتها الخاصة.
"أهلًا، كويس إني أشوفك تاني قريب يا سيدة سوير"، قالتلها البائعة وهي واقفة قدامها.
"أنا كمان كويس إني أشوفك"، قالت بابتسامة على وشها.
"أجيبلك طلبك المعتاد؟" سألتها.
"أيوة، وتلات نكهات زيادة كمان"، جاوبت.
"أكيد عاملة وليمة"، قالت آن وهي بتعمل طلبها.
"أنا بحتفل، أخيرًا حصلت على رخصة القيادة"، قالت بفرح، ما قدرتش تخبي سعادتها.
"مبروك، أنا سعيدة عشانك"، قالت آن وهي بتديها الإيصال.
"شكرًا. ممكن آخد شوية مشروبات، وأنتي كمان تاخدي واحد. دايما بتتكلمي معايا لما باجي هنا"، قالت وهي حاسة بالامتنان.
"شكرًا أوي"، قالت آن وهي بتاخد الكارت عشان تحاسب على المشروبات.
بعد ما خدت الإيصالات، سيلينا راحت تقعد على واحد من الكراسي وهي بتستنى طلبها يخلص. مجرد إن حد يناديها باسم جوزها خلا قلبها يرفرف.
"يا للمصادفة، ما فكرتش إني هقابلك كده"، صوت مألوف قال، وهي لفت راسها تبص. كانت أخت جوزها من الأب، وهي بجد بتكره الست دي أوي.
"إزاي أخبارك؟" سألتها أول ما شافتها.
"أنا كويسة زي ما أنتي شايفة. شايفاكي جاية تبذري فلوسه زي العادة. مش مكسوفة من نفسك؟" سألتها ويندي وهي بتبصلها. هي كانت بتكره ناس زي ويندي، ناس مليانين بنفسهم، لدرجة إنهم مفكرين إن العالم بيدور حواليهم بس.
"إزاي أكون مكسوفة وأنا بس بصرف من اللي جوزي بيعمله؟"
"مش مصدقة. أنا مش عارفة هو جاب واحدة طماعة زي دي منين. هي مسألة وقت بس قبل ما يسيبك لواحدة تانية، استمتعي بالوقت ده"، قالت ويندي ومشيت.