في محافظة مانيلا، فيه بلدة مزدهرة وهادية. مخفية، وفي النهاية خالص، وين ما تشوفوا سعة المحيط، بتقدروا تشوفوا جمال الجبال.
هنا، كبرت وشفتي نمو هاسيندا مونتينيغرو شوي شوي. أنا واحدة من اللي بيساعدوا في صناعة الحصائر العضوية، والشنط، والكراسي المصنوعة من الخشب الصلب من جبال بلدتنا.
أقدر أقول إني راضية عن الحياة في المقاطعة هنا. مليانة بموارد الحياة والطبيعة. أجدادي ربوني لما مات أبوي وأمي في حريق غابة. عشان بيتنا كان في نص الغابة، ما نجوش من النار اللي ما وقفتش.
كان عمري حداشر سنة لما صرت يتيمة، وتبنوني وجدتي وجدي، وجابوني من الجبال. ما كانش عندهم حد، خصوصاً إن ولدهم الوحيد كان أبوي. بساعد جدي في حصاد الرز. بساعد في عمل شنطة وحصيرة لوجدتي من وقت للتاني. ده ساعدني في دراستي عشان الفلوس اللي بتطلع منها.
كتير منهم هنا لسه بيروحوا لمانيلا. ما أعرفش ليه لازم يمشوا لما البلدة دي غنية. حسب ما سمعت في صفي، المباني في مانيلا شكلها عالي أوي! فيه فرص كتير للشغل هناك. غيرهم اللي أعرفهم راحوا للجامعة.
مرة كان عندي فضول عن مانيلا إيه هي. إيه بيسموا المبنى اللي فيه ضي كتير وبيبسي؟
بصيت للشمس العالية. غمضت عيني. انحنيت ومسحت العرق من جبيني. مسكت الشنط ورحت لبيت وجدتي، مع ناس تانية في عمرها.
"خلصت يا جدة." بصوا لي وابتسموا. فخورة بشغلي تاني.
"أنتِ بنت كويسة يا أورورا؛ ليه ما تبعتيهاش لمانيلا يا تيسا؟" قالت صديقة وجدتي. حطيت الشنطة وغيرها على الترابيزة وسمعتهم. ده مش جديد عليا. دايما بسمع مدح.
"أيوة يا تيسا.. وكمان كبيرة لسه ما عندهاش حبيب؟ يا لهوي! بنت زي دي بتتحبس. بصي! مناخيرها حلوة! رموشها طويلة! عيونها زي الدمى! الجسم زي عارضات الأزياء!" على طول افتكرت فترة مراهقتي. ابتسمت بس على اللي سمعته.
وجدتي ارتجفت وضحكت. "تعرفي، عشان أورورا هي الوحيدة معانا، يبقى هاعتني بيها. عشان كده عايزة بشدة تروح للجامعة. المصاريف غالية دلوقتي."
ارتحت بعمق. يا رب، أقدر أدفع تكاليف الدراسة. مش عايزة أخيب أملهم.
"ما تخافيش يا جدة! هاشتغل شغلانة نص دوام عشان أضيف مصاريف المدرسة بطريقة ما."
"أنتِ حقاً ذكية! يا رب بنتي تبقى كده، بس هي عنيدة! عشان كده حملت!"
الكلام استمر وهم شغالين في مشروع تاني. على الرغم من صناعة الأشياء العضوية، وجدتي كانت كمان واحدة من مديري الأراضي في مونتينيغرو. كانت القائدة لما بيحصدوا وبيعتنوا بحقول الأرز في مونتينيغرو وجدي.
دخلنا بيتنا المصنوع من الخشب. شفتي جدي بيعد الفلوس.
"واو! كمية الفلوس اللي معانا، يا جدي، آه!" قلت. شفتي وجدتي بتحضر شنطة وإسورة كنا صنعناها زمان من قواقع البحر اللي جمعتها.
"ده، هنخليه لما تروحي الجامعة. الباقي للكهربا وأكلنا."
ضاعت ابتسامتي وأنا حاسة بشفقة كبيرة على العيلة اللي معايا دلوقتي. مش أغنياء، بس أغنياء بالحب. حتى ما معناش فلوس، بس ما فيش حاجة تساوي تقديرنا. كنت محظوظة بيهم.
"شكراً يا جدي! لما أتخرج من الجامعة، هانروح لمدينة مانيلا! هاشتغل هناك لشركة مونتينيغرو وهادوركم دايماً!
مونتينيغرو بتهتم بشعبها. مرة قابلت زوجين من مونتينيغرو في تجمّعهم. كل كريسماس، كنا كلنا مدعوين لمنزلهم واحتفلنا بالكريسماس مع بعض. سمعت كمان إن سينور خوانيتو هايديني منحة، بس ده ما اتأكدش. بس يا رب يكون صح إننا هندفع بس للكتب ومصروفات تانية.
ما اتغديناش في البيت تاني عشان ده كان المكان اللي هناكل فيه في القصر. حاسة إنه زي ما كان زمان. هما هايعملوا حفلة، سمعت.
لبست فستاني الأبيض القديم. لما لبست، تنهدت بعمق. نزلته لتحت عشان ضاق عليا بعد كام سنة. كان مكشوف الأكتاف وطوله لحد الفخد بس.
"وجدتي! ما عادش لايق،" قلت لوجدتي، وبصت لي.
"بنت حفيدي سكسي! عادي! يالا! هاسرح شعرك!"
سرحت شعري وخلته مفكوك ومش مرتب. تموجاته أكتر كثافة. لبست كمان صندل. جدي اداني إياه من سنة بس، يبقى لسه لايق.
لما وصلنا لقصر مونتينيغرو، الترابيزة كانت طويلة، وفي ناس قاعدين اللي هما مونتينيغروين نعرفهم. أوراق الزهور بتلمع عشان الديكورات. الناس كانت بتعمل دوشة بالفعل.
على طول اندمجنا مع مجموعة زميلات وجدتي. جدي راح لأصحابه على الترابيزة التانية.
"أوه! جبتي أورورا! هي جميلة أوي!" هناك، ولاحظت إن ناس كتير بتبص عليا، خصوصاً الرجالة.
"بالطبع!" وجدتي تيسا كانت فخورة بيا.
شفتي سينورا باتريشيا بتطلع مع جوزها، سينور خوانيتو. صفقنا. كله ممتع عشان نبدأ الكلام معاهم.
ولادهم الصغيرين الاتنين جدين أوي. البعض جه هناك كعيلة واختلطوا ببعض.
أنا بس مركزة على الإخوات اللي بشوفهم مرة، خصوصاً إنهم بس بيرجعوا البيت بدري.
"خليكي هنا يا أورورا، طيب؟! هاديها للست بس!" وجدتي، بتعرض الشنطة والإسورة في نفس الوقت.
"أيوة يا جدة!"
سرحت نفسي بالأكل لما حسيت إني عايزة أتبول. سبت ترابيزتنا بأدب ورحت للحمام اللي في الخلف من القصر.
لفيت ناحية الحمام لما سمعت تنهيدة شكلها بتوجع.
في أفلام التلفزيون، شفتي ده؛ صوت أنين ست وهي متوجعة كده! عيني وسعت، وبقي فمي مقفول. كنت متوترة أوي، ومن التوتر مسكت المقشة اللي شوفتها على جنب وجهزت نفسي.
كنت متوترة أكتر لما الست كادت تبكي، وشكلها بيوجع. دموعي خلاص بتنزل، خصوصاً إن ما فيش نور في الناحية دي.
"أوه! عاجبك؟" وقفت لما سمعت صوت الراجل. بعدين الست بدأت تصرخ تاني!!
لما وصلت لمصدر الصوت ده، ما ترددتش في ضرب الراجل من ورا الست. هااه؟ ست لابسة زيّ خادمة، وبنطلونها في رجلها خلاص!!! البانتي؟
"أ-أوه." كدت أحمر خجلاً لما أدركت هم بيعملوا إيه. خصوصاً لما عرفت الراجل مين! كان فات الأوان، بس غمضت عيني.
درت وشي. بتوتر شديد، وشي سخن. ما أعرفش ليه. دي أول مرة أشوف كده.
ما قدرتش أمشي من مكاني لما سمعت صوته من ورايا.
"مين أنتِ؟"
ما تعبتش نفسي أبص له. "آه! واحدة من الهاسينداس!" تهتهت في ردي.
سمعت خطواته بتقرب.
"بتعملي إيه هنا؟ بتحاولي تتجسسي؟" صوته كان ساخر، وسمعت لهجة غريبة.
"ما كنتش أقصد. رايحة الحمام."
"وريني وش." بيأمرني كأني شاطرة أوي في الأوامر. "ما تخلينيش أكرر، يا بت،" أضاف. صدري كان بيدق، فدرت وشي على طول بس انحنيت.
"أنا آسفة،" قلت، بس ما اتكلمش. بصيت وشفتي إن بيبص لي بجدية. من ناحية تانية، شكلي كده مفتونة بمدى وسامته.
حسيت بذنب أكتر لما شفتي إن حاجبه بينزف. أعتقد إني ضربته بالمقشة هناك.
"آسفة،" قلت على طول.
حبست نفسي وهو بيقرب مني بسرعة. على طول رجعت لورا وأنا بسند على الحيطة الباردة.
دي أول مرة راجل يقرب مني بالطريقة دي اللي هي حميمية أوي. هو خصوصاً حنى إيده فوق راسي ولمس خصري.
افتكرت إني هافقد نفسي لما شفايفه نزلت على ودني.
"إسمك إيه؟" همس.
"ك-كيم أورورا." تهتهت في ردي.
اداني مساحة أخيراً. "كنتِ صغيرة أوي آخر مرة شوفتك فيها."
بلعت ريقي على اللي قاله وهزيت راسي كمان. الكلام اتقطع لما حد نادى على الراجل ده.
"بطل تستهبل، يا إيزيكل. أمي عايزة منك."
انحنيت لما سمعت صوت أخوه الكبير.
إيزيكل غمض عينيه جامد ولعن. "اللعنة على مانويل!"
"سيب البنت، يا إيزيكل،" أضاف مانويل، واللي شكله كان بيهدد.