مومباي:
مومباي - مدينة الأحلام. أحلام كتير بتوصل لهدفها هنا، وفي أحلام تانية بتتكسر وبتتفتت زي قطع الزجاج.
الساعة تسعة الصبح، وعربية مرسيدس سودا بتجري في طريق مومباي المزدحم، وراها عربية وفي عربية قدامها. السواق سايق العربية، والشخص اللي ورا قاعد لابس بدلة تلات قطع وفاردها، بيتكلم... استنى! مش بيتكلم، ده بيزعق للشخص اللي على الطرف التاني من المكالمة. ياه! يا حرام!!
والشخص ده هو رجل الأعمال المشهور هيردهان مهرا.
"أرمان، كنت نايم لما قلت لك إني محتاج الاجتماع ده يتحدد النهارده بأي طريقة. لو مش عارف تشتغل، سيب الشغل ومتضيعش فلوسي. أنا ما أعرفش حاجة، أنا بس عايز الاجتماع ده يتحدد الأسبوع الجاي أو سيب الشغل لو مش قادر، لأن فيه ناس كتير بره عايزين يبقوا مجرد موظفين في شركات مهرا، يبقى الأحسن إنك تراجع شغلك المرة دي. فاهم؟!" صرخ هيردهان على الشخص اللي على الطرف التاني من المكالمة.
ومن غير ما يسمع رد الشخص المسكين اللي على الطرف التاني، هيردهان قفل المكالمة وبص من الشباك، بس عينيه جت على أجمل مخلوق من عند ربنا.
-- آفيا ريدّي!!
في الحقيقة، عربية هيردهان كانت في الزحمة، والسواق كان مستني الإشارة تتحول لأخضر لما هيردهان شاف منظر جميل، أو بالأحرى شخصة خطفت عينيه، واتجنن بجمالها.
حاول ينزل من العربية على طول عشان يروح للمكان اللي آفيا واقفة فيه، بس الإشارة اتحولت لأخضر، فرجع قعد في العربية تاني، بس في العملية دي، ضيع المنظر الجميل ده.
العربية جريت بسرعة في الطرق المزدحمة، وهيردهان كان تايه في ذكريات الوجه الجميل اللي شافه من كام دقيقة. فتح موبايله على طول وبص على الصورة الجميلة اللي صورها أول ما شاف آفيا، وابتسم شوية.
بعد حوالي نص ساعة وصل المكتب وعدل بدلته، ودخل على طول المبنى اللي فيه أربعة وتلاتين دور اللي مملوكين لمهرا نفسها. صوت الكعب خبط في بلاط الزجاج، وعلى طول الموظفين كلهم وقفوا معدولين، بيسلموا على رئيسهم "صباح الخير"، اللي ولا كأنه سمع السلام ده، ومشي على طول على مكتبه.
المصعد فتح بصوت تنبيه في الدور الرابع وتلاتين، وهيردهان طلع ودخل على مكتبه، المدير العام هيردهان مهرا. قعد على الكرسي الضخم بتاعه وشرب رشفة من القهوة السودا، وفتح اللاب توب بتاعه، وفي نفس الوقت طلب حد على الإنتركوم.
"أرمان، تعالى على مكتبي بملف مشروع سينغانيا." أمر هيردهان، أول ما المكالمة جت من الطرف التاني.
بعد كام دقيقة، أرمان (السكرتير الشخصي لهيردهان) دخل المكتب بالملف اللي مطلوب.
"هات الملف ده، وجدول أعمالي النهاردة إيه؟" سأل هيردهان، وهو بيمد إيده عشان الملف، ولسه بيبص في اللاب توب.
"يا فندم، عندك اجتماع غدا مع جوابتاس الساعة واحدة الظهر، وبعدين اجتماع مع شركة شرماس للموسيقى عشان الألبوم الجديد الساعة أربعة العصر. بعدين عندك اجتماع عشا عمل مع عملائنا الجداد أوجاس الساعة تمانية بالليل بالظبط. وبعدين حضرتك فاضي تماما يا فندم." رد أرمان، زي عادته، بيتتهته من الخوف من غضب هيردهان.
"أوكيه! وإيه وضع الإنتاج الجديد؟" سأل هيردهان، ولا مرة رفع عينيه من الملف.
"يا فندم، اللي بيتعامل معاه هو السيد نيشانت مباشرة." رد أرمان بمهنية.
"أوه، أيوه ده بيفكرني، نيشانت فين؟" سأل هيردهان وهو بيبص لأرمان.
"هو في مكتبه يا فندم." رد أرمان.
"أوكيه، تقدر تروح، والمرة الجاية مفيش ولا نقطة سكر في قهوتي. فاهم!" قال هيردهان، وهو بيشرب رشفة من القهوة، وبيرجع يبص في الملف.
أرمان بلع ريقه لما سمعه، لأنه عارف كويس إن هيردهان بيحب القهوة السودا السادة، أو أحيانا شاي أخضر بدون ولا أثر للسكر. اعتذر على طول وخرج من هناك، وهيردهان عمل مكالمة لنيشانت عن طريق الإنتركوم، وطلب منه يجي على مكتبه.
بعدين هيردهان مسك موبايله عشان يكلم حد، بس عينيه لمعت على طول أول ما شاف خلفية شاشة القفل في موبايله، اللي فيها صورة آفيا، اللي صورها من شوية وحطها كخلفية للشاشة. ضاع في جمال البنت اللي في الصورة لدرجة إنه ما سمعش حتى الخبط على باب مكتبه.
وهنا نيشانت خبط مرتين أو تلاتة، بس ما جاش رد، ففتح الباب شوية وبص في المكتب، بس اتفاجئ لأن هيردهان مهرا، اللي دايما صارم، كان بيبتسم زي الأبلة، بيبص لحاجة في موبايله، اللي ما عملتش أي حاجة غير إنها زودت فضول نيشانت.
نيشانت بهدوء وبخطوات واعية دخل المكتب ووقف ورا كرسي هيردهان بالظبط عشان يبص في موبايله، بس شاف وجه جميل على شاشة القفل.
"جميلة، مش كده؟" سأل نيشانت بهمس، وهو بيميل شوية ناحية ودن هيردهان اليمين.
"جميلة جدا!" رد هيردهان وهو سارح.
"مين دي؟" سأل نيشانت تاني بهمس، وضحك على رد هيردهان، "ما أعرفش."
"لو قلت، هخلي حد يجيبلك معلومات عنها." صرخ نيشانت في ودن هيردهان، اللي بص له بعينين واسعة.
"نيشانت، أنت هنا؟!" سأل هيردهان من غير ما ياخد باله.
"أيوه أنا هنا. ليه، مش المفروض أكون هنا؟!" سأل نيشانت، وهو بيرفع حواجبه بطريقة بتعاكس.
"أه، لا لا، ولا حاجة من دي. تعالى اقعد، على أي حال لازم أتكلم معاك في حاجة مهمة." قال هيردهان على طول، وغير الموضوع.
"عايز تتكلم في إيه؟ ممكن تكون عايزني أجيب معلومات عن البنت الجميلة دي، صح؟!" سأل نيشانت بطريقة بتعاكس، وهو بيقعد على الكرسي اللي على الطرف التاني من ترابيزة مكتب هيردهان.
"أرجوك، اسكت يا نيشانت!! مش زي ما بتفكر." بص هيردهان لنيشانت اللي هز راسه بسخرية.
"طب قوللي إيه اللي بتعمله صورة البنت المجهولة دي في موبايلك، ده كمان محطوط كخلفية للشاشة؟!" سأل نيشانت بابتسامة، وهيردهان بص يمين وشمال، لأنه ما رجعش لكلام نيشانت.
"اعترف يا هيردهان إنك بتحبها. صح؟!" سأل نيشانت وهو بيبتسم.
هيردهان اتنهد، وهو عارف إنه خلاص مفيش فايدة من إخفاء ده، وقال: "ما أعرفش يا نيشانت، يعني أ-أنا عمري ما حسيت زي ما حسيت في اللحظة دي لما عيني جت عليها. يعني كانت بتبان جميلة في بساطتها لدرجة إني ما قدرتش أتحكم في نفسي. يعني كأن أنا نفسي اللي كنت بنجذب ليها من غير ما أحس. م-ما أعرفش—"
اتنهد وبص لنيشانت اللي كان بيبص له بعينين مفتوحة و بقه مفتوح. هيردهان ناده له مرتين، بس ما عملش رد، وقريب هيردهان ضربه على إيده خفيف، وده اللي خلاه يرجع.
"هاه-هاه؟!" سأل نيشانت، ولسه في صدمة.
"إيه هاه-هاه دي؟! قول حاجة!" سأل هيردهان وهو متضايق.
"أقول إيه؟! يعني أنا عمري ما فكرت إني هسمع حاجة زي دي منك في حياتي دي." صرخ نيشانت بطريقة درامية، وهيردهان لف عينيه لصاحبه الدرامي.
"هتسكت بقى، يا نيشانت!" هيردهان كان متضايق جدا دلوقتي.
"أنت مجنون ولا إيه، لسه مش فاهم ده؟! أنت في حب، يا صاحبي، حب من أول نظرة!!" قال نيشانت وهو متحمس وبينحني على الترابيزة.
"واو، يعني أنت هتقول أي حاجة وأنا هصدقها، صح؟! وأنت عارف إني ما بصدقش في الحب والكلام ده لأن—" قال هيردهان وهو عامل وش وحش، بس نيشانت قاطعه وقال: "الحب مش من النوع بتاعي خالص! أنا عارف ده بالفعل يبقى مفيش داعي للتكرار تاني وتالت. بس سواء صدقتني أو ما صدقتنيش، أنت في حب، وده حب من أول نظرة!"
"هتبطل كلام فارغك ده بقى؟! ودلوقتي ركز في الشغل اللي ناديتك عشانه هنا. قوللي الوضع الحالي لخط الإنتاج الجديد. أرمان قاللي أنت اللي بتتعامل مع المشروع ده شخصيا." هيردهان حول الموضوع تاني بذكاء.
"أوه، أيوه! ماشي كويس بس أعتقد إننا لازم نرفع هامش الحصة من خمسة لسبعة في المية!" رد نيشانت، وهو بياخد الموضوع بجدية.
"يبقى زودها ببساطة." رد هيردهان عادي، لأنه ولا مرة احتاج يراجع كلام نيشانت في مسائل الشغل.
"أوكيه، هعمل كده. على فكرة، هقابلك بعدين لأني عندي اجتماع الساعة حداشر، وكمان لازم أروح غدا مع آديتي الساعة واحدة الظهر." قال نيشانت وهو بيقوم من الكرسي.
"أوكيه. سلم على آديتي من طرفي، وعندنا اجتماع مع شركة شرماس للموسيقى عشان ألبومنا الجديد، يبقى موجود في الميعاد." فكر هيردهان نيشانت.
"ما تقلقش، هكون في الميعاد، بس أنت متتوهش في جمال صورة البنت بتاعة "الحب من أول نظرة" دي." قال نيشانت وهو بيغمز، وهرب على طول من هناك قبل ما هيردهان يضربه ضرب مبرح.
هيردهان بص لنيشانت، في الأول بص له بغضب، بس لما خرج من المكتب، هيردهان احمر شوية، وهو بيعض شفايفه.
"يا بت!!! إيه اللي بتعمليه فيا!" صرخ هيردهان وهو بيتنهد، وبيبص على صورة آفيا في شاشته تاي.