أليانا
ليوناردو دا فينشي كتب زمان، الأسود زي السفينة المكسورة، اللي ما عندهاش القدرة إنها تحتفظ بأي حاجة. بتساءل، إيه رأيه في اللون الأبيض. هل كان شايفه علامة نقاء؟ ولا هو كمان شاف البياض ده كأنه ضي كداب، كذبة؟
من سنتين فاتوا، لو كنت واقفة على نفس المسرح ده، مع الراجل ده قصادي، كنت هابتسم بنفس الطريقة اللي بابتسم بيها دلوقتي. الفستان الأبيض حاضن جسمي، وقتها كان وعد بالأمانة والثقة، وأنا بتوهج بدفء بيعقد جدران معدتي.
وقتها بس، ابتسامتي كانت هاتبقى مريحة، ملفوفة بفرحة حقيقية، عشان وقتها كنت بحبه. في المرحلة دي من حياتي، كان هو دنيتي، وكنت حاطرح نفسي على الأرض اللي بيمشي عليها ب soles الملطخة بالدم. وكنت هاعملها عريانة، مستعدة إني أعرض نفسي للراجل ده بس، بابتسامة على وشي.
ابتسامة ما كانتش جريئة، ولا مليانة بهمس الانتقام. قلبي كان هيدق بالحب، ومش بالتهديد اللي بيتربص بره أسوار الكنيسة دي، مستني بصبر محدود اللي هايخلص قريب. الجوازة دي مش حكاية خرافية.
أيوة، المشهد ده كله كان عنده زمان إمكانية إنه يكون الصورة المثالية لحكاية فولكلور عظيمة، شيطان اتجوز ملاكه. بس أنا مش الملاك، أنا الوحش.
وبما إني باتكلم بصراحة، المفروض كمان أوضح إن الراجل ده مش الشيطان. الشيطان كان ملاك زمان. ماركو كاتيللي، ولا مرة في حياته حس بإحساس النقاء.
هو بس يعرف الشر، الأذى، الألم، والكراهية. والحاجة العظيمة الوحيدة في الكنيسة دي كلها، هي كرهي للراجل ده، جوزي في المستقبل.
بيرفع إيدي، بيضمها في إيديه. مش محتاجة أبص في الجمهور عشان أعرف الستات بيبصوا لي بقرف وغيره. أنا باتجوز كاتيللي.
القليل من الناس اللي فرحانين بالجوازة دي، كبار في السن، وممكن يكونوا فاكرين إن إيد ماركو فوق إيدي، معناها إنه بيحبني. بس أأكد لكم، الحب مش هو ده الموضوع. هو بيضغط على إيدي، عنيه الساخرة بتطعنني حتى الموت، مرة ورا مرة.
ماركو كاتيللي بيبين لي إنه قريب هايكون عنده سلطة عليّا.
دي مش اتحاد حب؛ ده اتحاد موت. ماركو مش هايتجوزني عشان الحياة اللي بيدعي إنه هايربيها معي في المستقبل القريب. هو هايتجوزني عشان ينتقم من اللي بالفعل امتلكها. هو بيلبسني الخاتم ده في صابعي، عشان أنا الوحيدة اللي عندي الأدوات اللي هو محتاجها دلوقتي في ترسانته عشان يبدأ حرب.
أنا الاختيار الأخير. خطوته الأخيرة في الظلام. والقبر المبكر اللي هايقدمه لي، هو العزاء الوحيد.
بابا قال لي إن ماركو مهووس بفكرة وجودي. بس أنا عارفة إن ده مش صحيح، هوس ماركو كاتيللي الوحيد، هو إشباع إدمانه للسلطة. ده عاميه لدرجة إنه مش شايف، إن أنا، أليانا كابيللو، عروسه في المستقبل، هي أخطر عدو له.
لو فاكر إني هاسمح له إنه يستخدمني، هافرح في بؤسه لما يدرك إني مش الفار اللي كان بيحبه أوي كده. كاميلا موريتي كانت ساذجة، وأي حاجة اللي وصلتها لموتها المبكر، كان بسبب أفعالها.
هي كانت عايزة تلعب لعبة مع اللعيبة الغلط، وزي رين، هم قضوا عليها زي بيدق: - عديمة القيمة ويمكن الاستغناء عنها.
بس بالنسبة لي، أنا كسبت وضع ملكة. أنا شريرة وماكرة زي أكبر خصوم ماركو، لوكا ساناتي. الراجل اللي بيدوروا عليه كلهم. راجل اختار إنه يعمل مني عدو لما أخد واحدة ما كانش المفروض يلمسها.
"هل تقبل ماركو كاتيللي زوجًا لك شرعيًا، في الصحة والمرض، حتى يفرق بينكما الموت؟" كلمة لأ، بتيجي على شفايفي. المفروض أقولها.
حبي الحقيقي مدفون في قبر ضحل لسة رطب، في نص ولا حاجة، بفضل الراجل ده. المفروض أقول لأ. ببص عليه، فكه المحلوق، أقوى من ما أتذكر. عنيه السوداوية اللي كانت بتتحرق بحرارة زمان، حسيت إني لمست الشمس، دلوقتي فاضية، بتجمدني، لدرجة إن جلدي لسة عليه قشعريرة من وقت ما وصلت هنا، من 37 دقيقة فاتوا.
"نعم،" بأقولها، وزي تكتكة الساعة، ابتسامتي المزيفة بتختفي.
بيحيرني إزاي كلمة بسيطة ممكن يكون ليها تأثير يغير الحياة على حياة الواحد. هل ده اللي وصلت له حياتي دلوقتي؟ هل ده كل اللي كانت تعنيه حريتي؟ كلمة واحدة، وكل ده راح. اتباعت بثمن بخس من الكبرياء للراجل اللي معاه أكبر لقب. إيه اللي وصل له ده كله من السطحية؟ وأنا قلت نعم، ختمت على كل ده، ودلوقتي أنا السيدة كاتيللي الرسمية.
باخد نفس عميق، عشان ذكريات الليلة اللي فاتت بتفكرني ليه أنا هنا، وبأقول لنفسي إن انتظار الوقت هو خياري الوحيد.
الخاتم اللي اختاره أبويا بيظهر في الصورة عن طريق ابن عمي الصغير برناردينو، وبأبص عليه، عيني بتبص على الراجل اللي قاعد في الصف الأول في الكنيسة، أبويا، سجاني، اللي لسة بيسلمني.
صوت يوضح حلقه، وقلبي بيدق بمقادير متساوية من الخوف والتوتر، وأنا بأواجه جوزي اللي هايتجوزني قريب، وبأمسك بالإيد اللي قبل ساعات قليلة، سابت علامة على رقبتي. مضحك، مش كده؟ إيه اللي يضحك؟ إني بلبس الخاتم في صباعه وأنا عارفة كويس إنه لسة ما خلصش مني.
يحزنني إن دمعة بتخونني، وهي بتنزل على خدّي. الحياة ساعات بتكون نكتة قاسية.
إزاي ده كله وصل لكده؟ إمتى عملت الاختيار الغلط؟
اسمي أليانا كابيللو، ابنة مستشار سارتيني كابيللو، واليوم في 23 يونيو 2014، أصبحت زوجة ماركو كاتيللي، كابو دي كابي في الولاية الخامسة.
الراجل اللي قتل حبيبي، أفضل صديق، ودلوقتي بيتمنى إنه يقتلني. ودي اعترافي.
-----
كاميلا
6 سنين
أمريكا، المكان اللي الأحلام بتتحقق فيه، والأسوار البيضاء لازم تكون موجودة.
"الآنسة موريتي، جدك بيبعت اعتذاره، بس مش هاييجي عيد ميلادك. قال لك تستمتعي بالمساء."
"ما كانش ممكن بس يتصل ويقول لي كده بنفسه؟" بأقول لريدوانو، حارسي الشخصي التاني، ولا هو الأول؟
"Scusi Signorina." آسفة يا آنسة.
بأتنفس بس، ومش بأقول أي حاجة تانية، عشان العربية بتكمل سفرها على الطريق اللي ما لوش وجهة حقيقية.
فيه مميزات وعيوب بتيجي مع لقب حفيدة دانتي موريتي.
المميزات كانت قليلة ونادرة، عشان العيوب على طول بتلطشني في وشي. النهارده مش مختلف، بس النهارده بدل ما أضيع الفرصة دي، أنا بأستغلها.
"ممكن تنزلني في الفندق؟"
السواق مش بيسألني، وأنا مش بأدور وشي عن أضواء الشوارع والعربيات المزدحمة في واشنطن دي سي. عندي 23 سنة النهارده. سنة واحدة أضافت لكرهي المتزايد لجدّي، وسنة تانية أضافت لفقداني لأبويا وأمي وأخويا.
وصلنا الفندق قبل الساعة 8 مساءً، وبطريقة ما، أنا مبسوطة ومرتاحة إني أدخل جوه بس. بنزل من البنتلي، عربية قياسية لو جدك هو العراب في العالم السفلي، بأجري على الباب.
"الآنسة موريتي، أنت رجعتي بدري، استمتعتي بعشاكي؟" بيسألني البواب وهو بيفتح الباب عشان يدخلني. هو راجل قصير تخين، عنده حوالي 50 سنة. بيفكرني بواحد قابلته في رحلتي لألاسكا في سبتمبر اللي فات.
"استمتعت، شكرًا. عندكم بار هنا؟" الفستان الطويل بتاعي مش اللبس المثالي للبار، بس هو بالتأكيد أنا. أميرة مافيا.
"بالتأكيد، من هنا." بأتحرك ناحية الباب اللي بيوجهني ليه، وبأشوف الأضواء الخافتة والحزم المريحة قبل ما أدخل المكان المريح.
"شكرًا." بأشير للحارس الشخصي اللي أقرب لي عشان يدفع للراجل.
المكان ريحته فانيليا اللي بتضرب في مناخيري وأنا بأدخل، وبأتوجه أقرب للبار، وبأقعد.
الساقي راجل وسيم مفتول العضلات، ممكن في أواخر التلاتينات.
"إيه ممكن أجيبه للست؟"
"ويسكي 3-أصابع، أي حاجة سودا هتنفع، 16 سنة أو أكبر."
"آتٍ."
الأرفف اللي حوالين البار مصممة على شكل هرم من تشطيبات خشب الكرز. مئات زجاجات الكحول متراصة حوالين المساحة، بتخدم مجموعة متنوعة جدًا من الزباين.
"اديها Jameson Jacob."
الصوت العميق بييجي من الناحية التانية من البار، وعيني بتتوجه للراجل اللي دلوقتي واخد انتباهي.
"أنت المدير ولا حاجة؟" أنا فعلاً فضولية.
"أو حاجة." هو متخفي في ظل من الضوء، فصعب أحدد وشه، بس صوته عميق، جاف. لازم يكون راجل جامد قوي.
بأقوم من مكاني، وبأتحرك ناحيته، وحراسي الشخصيين بيبدأوا يقربوا. بأبعتلهم إشارة بإيدي عشان يهدوا. مش عايزاهم يبوظوا أمسية قبل ما تبدأ حتى. بأقرب للراجل، وهنا بأشوف الزي.
"أنت جندي؟ واو، ما كنتش متوقعة ده. عمري ما قابلت جندي أمريكي في حياتي."
مش بيقول أي حاجة، بس لما بأقعد جنبه، وبابتسم، بيبص لي بعنيين غامقتين مركزتين.
"إيه اللي جاب ست إنجليزية زيك للمطعم الراقي ده، لابسة كده؟"
"ده عيد ميلادي، فحسيت إني هالبس حلو، وأسيب قلعتي، وأشرب مشروب مع راجل وسيم. ومش عشان ده هايفرق معاك في أي حاجة، بس أنا إيطالية في الحقيقة." وشه محلوق. راسه مقصوصة، ووشم ظاهر على فروة رأسه، بس الإضاءة الخافتة في المنطقة دي بتخليه يبدو كأنه حلم حي.
الساقي بيجيب مشروبي للناحية دي، ولما باخد رشفة ضرورية، عيني بتتبقع على وشه الوسيم بالشهوة.
"إيطاليين في بار. إيه الفرص. بتبصي على إيه؟" بيسألني، وضحكة بتطلع في مؤخرة حلقي.
"لسة بأبص، هأقول لك لما أخلص."
"مش بتبيني إنك إيطالية عادية، صوتك وشكلك بريطاني، أنت هنا عشان إجازة؟"
"الشعر. غيرته لأحمر. وأيوة ولا. جيت عشان أزور شوية عيلة. فكرت إني هأفاجئ ابن عمي، وهايكون مبسوط أوي إنه يشوفني، بس فاتني. يبدو إنه سافر للندن بنية إنه يفاجئني. وأيوة، عاجبني اللي بأشوفه."
"الليل لسة طويل، مين يعرف إيه ممكن يحصل." لما بيقول كده، جسمي كله بيسخن من تلميحه مش السري. عمري ما كنت مستعرضة، بس الليلة دي وأنا ببص للراجل ده، أنا عارفة إنه هايغير ده.
"لو هافوت طيارتي عشانك، المفروض آخد اسم."
"أنت الأول."
"ماركو."
راجل بيمشي ناحيتنا ومعه صينية في إيده فيها موبايل فوقها، بيقطع كلامنا.
"يا فندم، أخوك على التليفون."
عينيه بتبص لي، ولمحة من الاعتراف بتحول شهوتي لحاجة أعمق. هل يمكن أن يكون؟
"قول لأخويا إن فيه حاجة طارئة حصلت."
"أيوة يا فندم."
بأبتسم عشان بحر من التوتر بيجري في جسمي، عشان الولد اللي حبيته من وأنا عندي 8 سنين، قاعد قصادي بالشوق، ومش بيتعرف عليّ خالص.
"آخد الاسم ده؟"
"ده بيعتمد، قد إيه أنت عايزاه."