المرشة المائية اللي كانت عندنا في الحوش كانت المعنى الحقيقي للإحساس بالحرية: مبلولة ومتلخبطة. عمرنا ما كنا أحرار في قطيع ضوء القمر، ألفا رادن عمره ما سمحلنا حتى نتحرك خطوة من منطقتنا عشان نروح نتسوق، عشان كده كان الملل مسيطر هنا. كان قاسي وبيتعامل معانا كعبيد أكتر من بشر. حتى ما كناش نقدر نتحول لـ rogues (خارجين عن القانون) لأنه كان مسيطر على كل حاجة في حياتنا وعنده علاقة قوية مع قطاعات تانية زي وايلدكريست، سيلفر ومونجولد، أكتر تلات قطاعات قوية في تاريخ المستذئبين.
بصيت بملل على المرشات الصغيرة السودا وهي بتطلع مية في كل مكان في الحوش من ورا الشبابيك الزجاجية، حسيت إني محبوسة، ومكانش ليا غير أختي الصغيرة وأمي، كنا مجرد عيلة عادية في قطيع ضوء القمر. أبويا كان بيتا سابق بس مات في أصعب حرب بين المستذئبين ومصاصين الدماء، هو بجد مات كـ محارب لما كان عندي سبع سنين بس. أمي كانت موجوعة، بس زي ما هي ست قوية، كانت بتهتم بيا وبأختي الصغيرة.
"يا حبيبتي، تعالي ساعديني." أمي صرخت بقلة صبر، وأنا بسرعة نفذت كـ بنت مطيعة.
كانت بتعمل الكب كيك بالشوكولاتة المفضلة لي أنا وأختي الصغيرة، اللي كنا بنحبها كأنها متعة ممنوعة بالنسبة لنا.
ساعدتها في تزيين الكب كيك وكمان قطعت الخضروات للعشا. كان الجو ليل أوي عشان الشتا كان قرب والأيام كانت بتخلص بسرعة.
"أمي، زهقت قوي." اتنهدت، عمري ما خرجت من البيت الصغير اللي كنا عايشين فيه، واترجيت إنهم يخلوني أطلع. عينيها البنية الدافية بصتلي بتفهم، هي كمان كانت زهقانة بس مفيش حاجة تتعمل.
مكنش عندنا غير المدرسة القريبة، وكنا ممنوعين من اللعب بره المبنى إلا لو كان فيه وصول مهم لقطيع، حيث المراهقين بيبصوا بإعجاب على القتلة كأنهم نجوم.
كان عندي رأي قوي في قطاعات المستذئبين التانية، وكنت أنا الجريئة من بين كل أعضاء القطيع الخايفين هنا. حتى مكنش عندنا جامعات عشان ألفا رادن كان فاكر إنا مش محتاجين تعليم أكتر.
"يا حبيبتي، بكره عيد ميلادك، دي حاجة تفرح، دي أول تحول ليكي." قالت بفرحة وعينيها بتلمع، وحضنتها؛ عمري ما حسيت إني فرحانة عشان كنت خايفة من أول تحول، كتير من زمايلي في المدرسة قالولي إن عظمهم بيتكسر بألم وإيديهم بتلتوي عشان تكون مخالب. كان الموضوع بيخوفني أوي.
كنت فرحانة بحاجة واحدة؛ إني هحتفل بيه مع عيلتي. دي نعمة واحدة، وكنت أتمنى إني ملاقيش رفيقي في التحول الأول.
أختي الصغيرة، إيفانا، ضحكت علينا وإحنا بنحضن بعض بعينيها الرمادية اللطيفة والفجوة بين أسنانها، هي عندها بس تمن سنين، وكانت لابسة الفستان الأصفر المعتاد اللي بتحبه. أنا كنت زيها زمان لحد ما كبرت وشفتي الحروب والظلام. يارب ده ميحصلش لأختي.
شيلتها وهي بتصرخ وبتلف بيا في إيدي، عينينا فرحانة لحد ما الموضوع خلص بسرعة أوي.
ريحة الدخان الوحشة بدأت تدخل بيتنا، والرد الوحيد كان إني أنزل أختي وأحطها ورايا عشان أحميها، في الوقت اللي فيه نار طلعت ببطء وكسرت الأبواب الزجاجية بتاعتنا. أمي فضلت جنبي، بتحاول تعمل mind-link (تواصل ذهني) مع ألفا عشان نطلب المساعدة عشان مكنش ينفع نهرب من الأبواب، كان فيه عاصفة نارية دائرية حوالين البيت. كنت شايفاها من كل الأبواب المزدوجة على كل جانب من بيتنا. جزء مني كان سعيد إن كل أبوابنا شفافة عشان نقدر نشوف خطورة الموقف بسرعة.
مين ممكن يعمل كده فينا؟ إحنا عيلة مسالمة، معندناش أعداء.
النار كانت في كل مكان، إرهابيين مستذئبين دخلوا وقتلوا أمي، مسكت أختي جامد وأنا بصوت صرخة عشان أسيبها، أمي حاولت تمسكها من أنياب المستذئبين الحادة، مكنتش أعرف أتحول لمستذئب عشان أحاربهم، عشان كده عضوا إيدي بعنف، وخطتهم نجحت، الدم اللي نزل من دراع أختي المرعوبة راح لرسغها كالأنهار، حاولت أمسكها تاني، بس المستذئبين استمتعوا وهما شايفين أختي بتموت ببطء وأمي فضلت تصوت فيهم عشان يسيبوها في حالها وإحنا بنحاول نهاجمهم تاني بس مفيش فايدة. أختي الصغيرة ماتت وعنيها اتغيرت من خايفة لـ ميتة. صرخت من الوجع على خسارة أختي وأنا بهجم على المستذئبي بس هما زقوني تاني براسهم عشان أدخل في دوخة، المستذئب التاني أخد جثة أمي وهي بتحاول تبعدني عشان مياخدونيش، أدتني ابتسامة حزينة قبل ما راسها تتقطع بمخالب المستذئب.
مقتلونيش، النار كانت بتزيد أكتر وهربوا. صرخت والعيون استوعبت اللهب البرتقالي الخبيث والدخان الأسود، قعدت على الأرض، كنت عايزة أولع مع عيلتي كمان. كنت عايزة أكون معاهم مع أبويا. ابتسمت وسبت النار تقرب مني عشان تلمسني.
بس فيه حد لازم ينقذني، ألفا رادن، دخل وشالني لما كنت بتخانق معاه عشان أفضل هنا، مردش على طلبي وأنقذني في الوقت اللي مكنتش عايزة أتنقذ فيه.
"ليه؟" صرخت عليه وعيونه الزرقا اتلخبطت من أول كلمة قولتها، أي فرصة للشكر طارت من الشباك.
ألفا رادن كان ألفا قوي بس كان أب صارم زيادة عن اللزوم لكل الناس. عنده عضلات طول حياته وعيونه كانت زرقا فاتح، بينما عيني كانت زرقا رمادي. عنده دقن و مناخير مدببة، كان عنده ستة وعشرين سنة، ومفيش رفيق حتى الآن.
"متعرفيش تموتي، لازم تتحولي بكره." زمجر، وضربت صدره بس اتعضيت في رسغي منه وهو بيتحداني عشان أعصي أوامره.
"اهدي." حطيت راسي باستسلام والدموع بتنزل من عيني.
ده كان كل حاجة، ألفا أخدني لشقة جديدة جوه قصره لحد ما يعرف هو عايز يعمل إيه بكره، بس مكنش فارق معايا. كنت حزينة، وكنت عايزة أخد حياتي عشان أكون معاهم عشان معنديش سبب أعيش عشانه تاني.
"ألفا هيزور بكره، عشان كده خليكي في أحسن حالتك." أمر، وهزيت راسي، خايفة أتكلم.
"اسمه إيه؟" سألت، ممكن أكون أعرفه.
"ألفا بس من غير اسم." شهقت، عمري ما سمعت عن ألفا مبيقولش اسمه لأي حد من قطيعه.
خرج بسرعة وأنا بعيط بكل قلبي على ضحكات أختي الصغيرة في ودني وابتسامة أمي لما كانت بتعمل معايا أكل. هدور على مين اللي عمل كده وأقتله. أيًا كان، أنا أكتر من مصممة إني أعرف، لازم يموتوا موتة وحشة.
فرقعت دموع أكتر وأنا بتذكر إزاي أمي كانت عايزة تشوف بنتها بتتحول، محصلش على أمنيتها بس عارفة إنها بتراقب من فوق في الجنة. ربطت شعري الأشقر المموج ومسحت عيني الحمرا الرمادية. كنت هنقم منهم، بطريقة أو بأخرى.
لسه عندي فضول مين هو ألفا المجهول. يمكن يقدر يساعدني في انتقامي.