بعد 5 سنين
(بداية جديدة)
من وجهة نظر **آنا**
أخدت الفوطة من مكانها و طلعت من الدش. الحمام ريحته كلها ريحة غسول الجسم باللافندر و معطر الجو باللافندر. أخدت نفس عميق من الريحة اللي طيرتلي عقلي و بصيت في المراية.
"أول يوم شغل جديد، حظ سعيد **آنا**،" ابتسمت لنفسي.
دايماً كنت بحس إني محظوظة لأني لقيت شغل بعد ما جيت هنا، و دلوقتي بيترقوني للمقر الرئيسي عشان أكون مساعدة المدير التنفيذي.
مديري اداني معلومات سريعة عن شكل المقر الرئيسي، و إنهم دايماً بيختاروا أعضاء من الشركات اللي شغالة تحتيهم، و أهو أنا هنا اللي أستاهل أترقى على ما أعتقد.
"**السيد هان**،" قلت اسمه و أنا بطلع من الحمام.
بصيت على الفساتين اللي محطوطة على السرير و ابتسمت لنفسي. معنديش فكرة ليه **السيد هان** اختارني أنا من بين كل الموظفين التانيين في شغلي القديم، عشان بصراحة كلهم كانوا بيشتغلوا بجد، و معظمهم حلموا إنهم يترقوا للمقر الرئيسي. جالي أمنيات كتير من كل الموظفين، و أكيد حتوحشهم، عشان كلهم كانوا أصحاب أوي، و ده اللي كان بيخلي مكان الشغل زي البيت.
أخدت الفستان، و شيلت الفوطة و بدأت ألبس.
لبست بنطلون رمادي مع بلوزة بيضة متقفلة، و بالطو رمادي. إني ألبس رسمي خلاني أبين أكبر، و أنا بحب ده.
رفعت شعري لفوق في شكل ديل حصان، و بصيت في انعكاسي. ضحكة ظهرت على وشي لما أدركت إني جهزت بسرعة، و إني ألبس بسرعة دي موهبتي.
حطيت شوية مكياج خفيف و كملته بحمرة شفاه وردي فاتح. أول يوم شغل، لازم أكون بدري و شكلي حلو... يعني، تعرفوا، الانطباع الأول هو أحسن انطباع.
أخدت شنطة يد بيضة و حطيت فيها موبايلي، مناديل، محفظتي، و أخيراً علبة النظارة.
و مين ينسى، أخدت كمان مفكرة و حطيتها في شنطتي.
بصيت في انعكاسي مرة أخيرة، و دخلت السلسلة اللي دايماً بلبسها حوالين رقبتي جوة البلوزة، لبست كعب رجلي الرمادي، أخدت الملف و طلعت.
استنى الأسانسير حاجة بتخليني أكون مش صبورة. أنا ساكنة في الدور الأخير في الشقة. إني أكون في الدور العاشر ده شيء بحبه، عشان المنظر من البلكونة بيخطف الأنفاس، بيساعدني أفضي الضغط، و بصراحة الإيجار رخيص هنا.
كل دور فيه شقتين قصاد بعض، و جيراني اللي كانوا عايشين قصادي انتقلوا من أسبوع. إني أكون لوحدي ده شيء يخوف شوية، بس أنا اتعودت خلاص.
كل ثانية بتعدي بتبان كأنها ساعة و أنا مستنية الأسانسير. طلعت موبايلي و ركبت السماعات. حطيت السماعات في وداني و استنيت الأسانسير، و أخيراً وصل.
إني أتأخر مش من طبعي، و في أول يوم أكيد لأ. الساعة سبعة و نص، و معايا ساعة عشان أكون هناك. بحلول الوقت اللي آخد فيه شاي في مكاني المعتاد و أمشي، حأكون هناك في الوقت المحدد أكيد.
لحسن الحظ لقيت تاكسي أول ما طلعت على الشارع. ظبطت نظارتي و بصيت من شباك العربية، و كان يوم عادي تاني مزدحم.
دلوقتي أنا واقفة هنا قصاد الشركة، و هنا بيجي عصبيتي. أخدت نفس عميق و دخلت، و المنظر اللي قصاد عيني خلاني أبص على كل التفاصيل بذهول. الديكور تحفة، و كمان النافورة اللي في الركن تجنن.
"جميل،" الكلام طلع من بوقي من غير ما أحس، و أنا مبهورة بالمكان اللي حواليا. موبايلي رن، و ده خلاني أخرج من عقلي، و طلعت الموبايل على طول.
بصيت على رقم المتصل، و ابتسامة ظهرت على شفايفي تلقائياً.
"**آنا**، إزاي الدنيا ماشية يا بيبي؟" سأل أول ما رديت على المكالمة.
"كويس، و أنت طلعتني من عقلي الغبي،" غمغمت و أنا بضحك على نفسي لإني واقفة في مكاني و ببص حواليا كأني طفل محطوط في جنينة حيوانات.
"طيب حتديني مكافأة و على فكرة حأكون هناك عشان آخدك،"
"تمام... حأستناكي، و حأعزمك على العشا... طيب يا **ديلان**، دلوقتي لازم أمشي... أشوفك،" و بعد ما قلت كده، قفلت.
**ديلان** أحسن صاحب ليا، دايماً مع بعض، لدرجة إن ساعات الناس بيفهمونا غلط و إننا مرتبطين. دايماً كان معايا و دايماً حيكون... أخته كمان صاحبتي، و دايماً بتقولي إن **ديلان** بيحبني و أنا بس بمشي الموضوع ده.
مشيت أكتر و وقفت قصاد ترابيزة التسجيل. قصادي وقفت بنت طولها تقريباً 5 أقدام و 6 بوصات على ما أعتقد. طولها بيبان أطول بسبب الكعب، و حسيت بعدم راحة شوية عشان كل البنات اللي حواليا شكلهم حلو أوي، و يا لهوي شكلهم زي الدمى. مكياجهم مظبوط، و أنا هنا قصيرة حتى بالكعب.
حطيت أفكاري الغبية الغير منطقية ورا عقلي، و اديت معلوماتي زي ما طلبت مني، و قالتلي أروح للدور الثامن... و هو ده مكانه.
ما سمعتش أي حاجة عن **السيد هان** لأني كنت عايشة في عالمي الصغير، بس أنا و **ديلان** و عيلته.
سمعت بنات كتير و زمايلي في الشغل بيهمسوا عنه و بيقولوا إنه أصغر مدير تنفيذي مسك شركة و لسه ناجح فيها، و كمان هو المشهور أكتر.
معروف بتفكيره في البزنس، و طبعاً شكله... بس من المفارقات إن الوصف اللي أخدته من مديري كان مختلف تماماً. قاللي إنه شخص عصبي، و شخص قاسي القلب.
و أنا ماشية، سمعت ناس بيفتخروا و بيبصوا عليا، و الموقف كان محرج أكتر لما وقفت هناك مستنية الأسانسير.
ممكن يكون فيه حاجة غلط في لبسي، أو إني مش مناسبة هنا، هل أنا الغريبة هنا، قوايم من العبارات بتتسكان في عقلي و اتوقفت لما الأسانسير رحب بيا.
بنت ممكن تكون أكبر مني بسنة على ما أعتقد دخلت و وقفت جنبي. بصت على الزرار، و ابتسامة ظهرت على شفايفها، و ضغطت على زرار الدور السابع.
"واحدة جديدة،" سألت و هي بتبصلي مستغربة.
"أيوة،" قلت بعصبية و أنا بلعب في مقبض شنطتي.
"مساعدة، صح؟" سألت، و حواجبها مرفوعة و هي مبتسمة.
هزيت رأسي في إجابة.
"متضايقهمش... تعرفي، **هان** كان عنده مساعدين كتير و معظمهم اتشالوا في خلال شهرين، و بعضهم حتى سابوا شغلهم. حسب حساباتي، ممكن تكوني رقم اتنين و تلاتين، أوكي... لازم أمشي... أشوفك يا جديدة،" سلمت عليا و مشيت.
**هان**... ممكن تكون قريبة منه... أو ممكن تكون حبيبته... بنت حلوة زيها و عندها جسم مثالي، حيكون فيه شباب بيحبوا يشوفوها. جيبها القصير بيبين رجليها الرفيعة، و فستانها مش ذوقي الصراحة.
كل ثانية بتعدي كانت بتخنق، و أخيراً وصلت. أخدت نفس عميق و طلعت و ظبطت نظارتي، ده شيء بعمله لما أكون متوترة.
"ممكن أدخل؟" سألت و أنا بخبط على الباب.
و جت الإجابة بصوت بيقول أيوة.