قاعدة على ركبها جنب أمها في نص غرفة المدخل، بتشد كفها على قماش فستانها فوق ركبها، وتعض على شفتيها السفلية، وبتخلي الدموع تنزل على خدودها، عيونها مثبتة على أخوها الميت اللي ممدد شاحب قدامها على القماش الأبيض.
بتاخد نفس عميق، وتشِّم أنفها، وبعدين بتحول نظرها لفوق عشان تشوف أبوها، اللورد وين العظيم، وهو رايح جاي وحاجبينه معقودين.
متوتر بسبب موت ابنه، بس الموضوع اللي بيضايقه مش موت ابنه، هو قلقان على استمارة الدخول للمدرسة العظيمة للعلماء والقادة.
في الأوقات دي، ابن كل مملكة بيتجمع في المدرسة دي اللي بيتم احترامها، ولازم على كل ابن مملكة إنه يدرس فيها عشان يكون القائد الجاي للجيش، وهما اللي بيجيبوا النصر والقوة لبلدهم في النهاية، وده اللي بيثبت أعظم مكانة للجميع.
"السيدة وين،" بيوقف في مكانه، ويبص على يمينه عشان يشوف مراته وبنته بيتنهدوا على الجثة.
السيدة وين بتبص عليه، عيونها مليانة دموع ممكن تنزل في أي وقت.
"خلي شينغ شينغ تروح لمدرسة العلماء،" بيأمر بصوت جاف وقوي.
"إيه؟" بتلهث وهي بتقوم من على ركبها، وتمشي ناحية جوزها اللي بيفحص شينغ شينغ من فوق لتحت.
"ده مكان مسموح فيه بس للرجالة،" بتقول بهدوء وهي بتحاول متخوفش شينغ شينغ اللي بالفعل محطمة.
"يبقى..." اللورد وين بيلف عشان يقابل عيون مراته اللي بتترجاه متعملش كده.
"لو الناس عرفت، هتدمر حياتها،" بتصرخ وهي بتقع على ركبها، وهو بيبص عليها بتعبير جامد مبيظهرش أي مشاعر.
"تحاولي تعصيني؟" بيسأل بصوت عالي، وده اللي خلا شينغ شينغ تنتفض عشان صوته صدق في الغرفة الفاضية.
بتبص لفوق عشان تشوف المنظر اللي قدامها، وبتمسح الدموع بظهر كفها، وبتسحب نفس عميق وبتطلعه. بتقوم على رجليها وبتنحني شوية، "زي ما تحب يا أبي،" بتقول بهدوء، صوتها مبيتهزش أبدًا.
"شينغ لأ..."
"ماما، عادي،" بتطمن أمها، وبتمشي ناحيتها، وبتساعدها تقوم من على الأرض، وبتحضن أمها في دراعاتها، وبتلزق ابتسامة على وشها، وهي بتبص على أبوها، "هعوض وان كي،" بتقول بصوت حاد بيظهر إنها مش خايفة من النتيجة أبدًا.
"ويل،" بينادي بصوت عالي، الباب الخشبي بيتزح على طول، وهو بينحني قدام سيده عشان يطيع أوامره.
"أيوة يا سيدي،" بيسأل ويل وهو منحني وبيبص على الأرض الخشبية.
"أبلغ الكل إن بنتي اتقتلت وإن الجثة مش موجودة،" بيأمر، وهو منحني بيغطي وش ابنه بالقماش الأبيض المطوي على رقبته.
"أيوة يا سيدي،" ويل بيمشي من المكان وبيطلع مع حراس تانيين عشان ينشروا الخبر.
-فلاش باك-
"إيه ده؟" بتسأل شينغ شينغ وهي متضايقة من أخوها وان كي اللي مخبي حاجة ورا ضهره.
بتقوم من المية في الجانب الضحل من النهر، وبتحرك دراعها قدام، وبتفتح كفها قدام نظره، شفايفها بتكون ابتسامة عريضة لما وان كي بيبص عليها وبطبطب على راسها.
"عشانك،" بيضحك وهو بيحرك دراعه الشمال قدام، وبيمسك قبضته المضمومة على كفها المفتوح.
"هات،" بتزن شينغ وهي متحمسة تعرف إيه هو.
"هات،" بينزل حاجة صلبة على كفها، بتحرك كفها قدام نظرها على طول عشان الحاجة دي عملت اتصال على جلدها.
"واااو،" بتمسك الحجر الأبيض بتلات صوابعها وهي بتبتسم عليه وهي بترفعها لفوق.
"هات،" وان كي بيمسك رسغها بلطف وبيحركها في اتجاه أشعة الشمس.
"جميل،" بتضحك، عيونها بتتسع في تسلية، وبتغير لون الحجر بالأحمر والأصفر.
"ده نادر،" وان كي بيبص على أخته اللي بتضحك بفرح وهي بتبص على الحجر، "زيك بالظبط،" بيبتسم وده اللي بيخليها تبص عليه.
"شكرًا،" بتحضنه، "أنت أحسن أخ في الدنيا،" بترجع لورا، ابتسامتها مبتسيبش وشها، وبترفع الحجر في الهوا تاني، عيونها مليانة بحماس.
"انتبهي،" بتصرخ شينغ لما وان كي بيشدها على جنبه، وده اللي بيخليها تصطدم على صدره.
بتلهث وهي بتبص على السهم عالق بين الحجارة في الجانب الضحل من النهر، وبتحول نظرها بعيد، وبتبص على أخوها بحواجبه معقودة، وهي بتمشي مع نظراته عشان تشوف شوية رجالة لابسسين فساتين رمادية، وشهم متغطي بقطعة قماش خارجة من الغابة.
تلات رجالة على ضهور خيل معاهم سيوفهم، والتلات رجالة التانيين بيمشوا قدام بالقوس والسهم.
"اجروا،" بيصرخ وان كي وهو بيجر أخته معاه اللي بتحاول تتوافق مع سرعته، بيجروا في الغابة بأسرع ما يقدروا، وهما ميعرفوش في أي اتجاه هما بيجروا عشان الرجالة دول كانوا بيطاردوهم وهم بيرموا السهام في اتجاههم، بس لحسن الحظ مفيش حد منهم هاجمهم عشان هما كانوا بيجروا في شكل متعرج.
"ليه بيطاردونا؟" بتلهث شينغ وهي منحنية وبتريح كفوفها على ركبها وهي بتاخد نفس عميق وتطلعه ومرتاحة إنهم بعيد عنهم.
"شينغ،" وان كي بيبتلع ريقه وبيمشي ناحية أخته اللي بتستند على جذع شجرة ضخم، "أنتِ تجري عشان تطلبي المساعدة، وأنا هلّهيهم،" بيقول وهو بيبص في عيونها مباشرة وبيطمنها إن كل حاجة هتبقى كويسة.
"لأ..." بتقف مظبوط، وبتاخد خطوة لقدام، "هنمشي مع بعض، أنا مش جبانة،" بتبتسم وهي بتحاول تهدي نفسها وأخوها.
"مش وقت هزار،" بينطق وان كي بصوت واطي وحاد. شفايفه بتترعش لابتسامة في الثانية اللي بعدها وهو بيبص على شينغ اللي بتبتسم وساعتها هو، "مش بخاف طول ما أنتِ معايا،" بتمسك رسغه عشان تقود الطريق.
"اجري،" فجأة بيدفعها بقوة وده اللي خلاها تتزحزح لورا وتقع على الأرض.
بتقوم من على الأرض وهي بتبص مظبوط، وبتتجاهل الخدوش اللي في جلدها، عيونها بتتسع في رعب عشان تشوف أخوها ممدد على الأرض على بطنه، سهم مغروس في ظهره، عيونه في اتجاه الخيل اللي بتجري بعيد.
عيونها بتتملي دموع وهي بتبص عليه في دهشة.
"وان كي،" صوتها بيطلع في همسة، بتقوم وبتمشي ناحيته وهي بتمشي برجلها المتورمة اللي ضربت جامد في صخرة. بتسحب رجليها وبتروح ناحيته، وبتقع على ركبها وبتمسك السهم بإيديها المرتعشة.
"أن..تـه ه..تـكون..بـخ..ير،" بتتهته وهي بتحاول تمسك السهم جامد، وبتغمض عيونها، وبتسحبه وبتخلصه على طول.
بتقلب جسمه، وبتحط راسه على حضنها، "هنمشي للبيت وهتبقى كويس،" بتتهته وهي بتمسك وشه، والدم في كفها بيبقع خدوده.
"لأ.." وان كي بيحاول يتكلم بس مبيقدرش عشان حلقه نشف ومكنش عنده القوة إنه يعمل كده.
"مت..أرجوك،" شينغ بتبص عليه في عيونه وهي بتترجاه ميفقش.
"كوني قوية،" بيقول وان كي، صوته بيطلع بهدوء وهو بيحاول يبتسم بصعوبة وهو بيحاول ميرعبش أخته.
"وان..كي،" بتتشهق وهي بتبص عليه وهو بيغمض عيونه، ورأسه وقع لتحت.
"لأ..لأ..لأ..اصحى،" بتصرخ وهي بتخلي دموعها تنزل عشان مابقدرش تمسك أكتر من كده، وبتحضنه جامد وهي بتصرخ، وهي بتعيط بصوت عالي، "أنت قولت إنك هتكون معايا،" بتصرخ بحلقها الجاف اللي بيوجعها، دموعها بتنزل بشكل ميبطلش.
"أرجوك..." بتحضنه جامد على صدرها، "أرجوك،" بتصرخ وهي بتعيط بصوت عالي.
~فلاش باك انتهى~
شينغ بتقعد قدام المراية وهي بتبص على صورتها، خادمتينها قاعدين وراها. بتفك شعرها وبتخلي شعرها الأسود الطويل المستقيم يقع على ضهرها.
"مش محتاجة تعملي كده،" بتصرخ السيدة وين وهي بتبص عليها بشفقة وهي بتحاول توقف قرارها.
"قصي،" بتأمر شينغ بصوت واطي، وبتاخد مقص وبيقصلها شعرها قصير، قصير أوي.
"أنا بعمل ده عشان وان كي،" بتبتسم لأمها وهي بتبص على الانعكاس، "هنتقم له،" بتشيل القماش اللي فوق فستانها وبتخليه ينسدل على كتفها الناعم.
"هو مش هيوافق على ده،" أمها بتصرخ وهي بتمسك كتفها وبتحول شينغ عشان تواجهها.
"يبقى هعمل ده لنفسي ماما،" بتبتسم وهي بتظهر إنها مش خايفة من ده.
"شينغ ي..."
"ماما أنا عارفة أنا بعمل إيه،" بتقاطعها، وبتاخد قطعة القماش البيضاء الطويلة الرفيعة وبتمشي ورا الستاير عشان تغطي صدرها جامد.