“تبغى مهر قيمته مليونين دولار، وفيلّا، وسيارة فخمة تساوي مليون دولار؟” حركت قهوتي بملعقة ببطء وابتسامة ساخرة على شفتيي الحمراوين، “طيب، قلي ليش لازم أعطيك هالأشياء؟”
الرجل قال بثقة، “عمري 23 سنة وأصغر من هذوليك العواجيز، وهذا شيء من مميزاتي. بالإضافة إلى أنك رئيسة شركة مشغولة، وأعتقد إنه ما عندك وقت تركزين على عيلتك، لهذا أنا اللي راح أهتم بكل شيء بالبيت. ما أقدر أشتغل ببلاش، صح؟ على فكرة، الأفضل تحط اسمي على صك الملكية، والسيارة كمان.”
“خلصت؟” سألت جاكلين طومسون، بوجه خالٍ من أي تعبير.
الرجل أخذ رشفة من القهوة ورفع ذقنه بفخر، “هذا كل شيء حالياً. راح أقولك لما أطلع بشيء ثاني.”
“طيب، دوري الحين.” وضعت الملعقة، ونظراتي باردة وساخرة، “يمكن ما تعرف عني كثير للحين. أنا، جاكلين طومسون، عمري 28 سنة، خريجة جامعة ستانفورد، رئيسة منطقة الجنوب الشرقي في مجموعة TR Group بعقد بثمانية أرقام، وهذا غير دخل استثماراتي وأسهُمي، بصحة جيدة، وما عندي عادات سيئة، أحب الرياضة، وعندي معرفة واسعة بالعالم. طيب، شو اللي يخليك تفكر إنك تستاهلني؟”
الرجل انصدم ووجهه صار أزرق.
هزيت راسي، وما بدي أضيع وقتي أكثر معه، قمت وطلعت من المقهى.
يانسى، السائق، سألني، “يا مدام، نروح على البيت ولا على الشركة؟”
“الشركة.” قلت بخفة.
مثل ما توقعت، أمي اتصلت فيني فور ما ركبت السيارة. صرت ما أحس بشيء من قصتها القديمة، ولهذا ما قدرت إلا إني أحاول أخفف عنها.
بعد ما قفلت الخط، تنهدت بعجز.
أمي قاعدة تتمادى في طريق إجباري على الزواج كل ما كبرت.
كانت تعتقد إنه ما في فايدة إني أكون أكفأ وأربح فلوس أكثر.
لازم أتزوج.
لما طلعت من السيارة في كراج الشركة تحت الأرض، سيارة بيضاء مرت من جنبي بسرعة مع رجل لابس بلوزة عنق دائرية بيضاء في مقعد السائق.
ما شفتي وجهه منيح، بس قلبي دق بسرعة في هذيك اللحظة. مسكت جوالي وصورت رقم لوحة السيارة قبل ما أفكر.
السائق استغرب، “يا مدام، شو عم تعملي؟”
“ولا شيء.” رميت الجوال في شنطتي كأن ما صار شيء.
تمالكت نفسي وادعيت الهدوء، بس حسيت بشيء مختلف من جوا.
قبل خمس سنوات، كنت مديرة منطقة في الجنوب الشرقي من TR Group لما كان سيلفان جوردان هو الشخص اللي أخذني ورباني. كنت معجبة فيه جداً، بس هو استغل إعجابي علشان يجرحني.
أخذني على جناح رئاسي في فندق.
لما كنت أعتقد إنني سأُفعل بي كل شيء، ظهر شخص وأنقذني. بس كنت تائهة جداً، وما شفتي مين أنقذني.
بس في نفس هذيك اللحظة بالذات، حسيت كأني لقيت الرجل اللي أنقذني بحياتي هذيك المرة.
بمجرد ما وصلت المكتب، قلت لإيفيت لينكولن، مساعدتي، “جيبي لي قائمة بالرجال اللي ممكن يتزوجوا، أعمارهم بين 24 و 30. ما عندهم عادات سيئة، ما يدخنوا ولا يشربوا، أخلاقهم منيحة، ومظهرهم وشكلهم فوق الثمانية من عشرة. هذا كل اللي أفكر فيه حالياً. أنتِ تقدري تقرري الباقي لحالك.”
ما عدت أعتمد على وكالات التوفيق الفخمة.
إيفيت كانت تشتغل معي من سنين، وكانت فعالة جداً. وبسرعة جابت لي قائمة بالمرشحين.
قرأت سير الذاتية لكل الرجال بالقائمة، وأخيراً عيني وقعت على رجل بمظهر مرتب ونظيف.
“هو هذا.”
بعد يومين، قابلت الرجل.
رغم مظهره المنيح جداً، بس كمان عداني.
ما حسيت تجاهه شيء.
بعد ما مشي، رجعت وقعدت وشربت قهوتي، مستمتعة بهذا الهدوء النادر بعد الظهر.
في هذه اللحظة، صوت صراخ أفسد الهدوء.
“إلياس، شرف لك إني طلبتك تكون حبيبي، لا تكون ناكر للمعروف.”
كنت متخفية ورا شجرة، وما قدرت أشوف إلا ظهر شخص طويل. الرجل كان عنده أكتاف عريضة وجسم رشيق بكنزة بيضاء بسيطة وشعر مرتب ونظيف.
قدرت أشوف من ظهره بس إنه كان بارد ومستقل.
الشعور الغريب رجع لبالي.
الشعور الغريب رجع لبالي.
لما شافت إنه ما راح يتنازل، قالت بصوت أخف، “إذا وعدت تكون حبيبي لمدة شهر، راح أعطيك مليون دولار.”
تسّ. قرقعت بأصابعي على الطاولة.
شفتي ناس كثير تستخدم الفلوس عشان تحل مشاكلها قدام الناس، بس مش كثير منهم عرضوا مليون دولار.
تطلعت على ظهر رأس الرجل، مفكرة إنه راح ينغري بالعرض الكبير هذا أكيد.
الرجل كأنه ضحك بخفة قبل ما يقول بلا مبالاة، “تبيني أكون حبيبك بمليون دولار بس؟”
“يعني قليل؟” سألت الفتاة الغنية.
“لا، مش قليل. بس أنتِ ما تستاهليني.” خلص الرجل ودار عشان يمشي.
في اللحظة اللي دار فيها، شفتي وجهه منيح.
يا سبحان الله، ما استغربت ليش البنت الغنية قاعدة وراه.
هو كان مثل أبولو في الأساطير اليونانية، وما في أحد يقدر يمشي لما يشوفه.
عنده حواجب جميلة، أنف دقيق، وعيون سوداء كالعقيق الأسود، ببرود يخلي الناس يخافوا يقتربوا منه.
“تنمو زهرة اللوتس دون أن تتلوث بالطين.” فكرت بهالعبارة من دون سبب.
لما دار، لمحني وأنا أتفرج على العرض، وبعد بسرعة عن عيوني.
ما حسيت بالإحراج لأني أتفرج، بدلاً من ذلك ابتسمت له وقلت بهدوء، “بتحتاج مساعدة؟”
ما رد علي بس نظر إلي بلا حراك كأنه يفكر بشيء.
البنت الغنية ما قدرت تتحمل هالشيء وسألت حراسها يوقفوه فوراً.
إلياس عبس وهو صار غير صبور.
نزلت عيوني ونظرت إلى قبضاته المشدودة، وتساءلت إذا كان راح يقدر يضرب الحارسين إذا بدو يتضاربوا هون.
الحارسين بدوا أقوياء جداً ومحترفين. رغم إن إلياس طويل وعنده رجلين طويلين، يمكن ما يقدر يفوز على اثنين. غير إنو ممكن يتوقف بتهمة التشاجر في الأماكن العامة.
“ما بدك تمشي؟” إلياس قال بخفة وهو ينظر إلي بعيونه السودا.
ما أحب أتداخل في شؤون الآخرين، بس الحين غيرت رأيي.
البنت الغنية قربت وقالت، “إلياس، بعطيك فرصة أخيرة. بتقبل تكون حبيبي؟”
“لا.”
“أنت…”
“يمكنك أن تأخذ الحصان إلى الماء، ولكن لا يمكنك إجباره على الشرب.” قمت ومسكت البنت الغنية، “ما في فايدة من إجباره.”
“مين أنتِ؟ خليكِ في حالك.” البنت الغنية نظرت إلي بغضب، “ما تطلعين تحبين هالولد الحلو كمان، صح؟”
إلياس شد قبضته من جديد لما سمع كلمة “الولد الحلو”.
ضحكت.
ليش لازم تستخدم هالبنت الوسائل الرخيصة عشان تحصل على الشخص اللي تحبه؟ خمّنت إنها قاعدة تعمل اللي تبغيه وتحكي من غير تفكير بسبب مكانتها.
“شو لو قلت إي؟” نظرت إليها بابتسامة خفيفة، ما حاولت أشرح.
“طيب كم بتعرضي؟” نظرت باحتقار.
إلياس نظر إليها بغضب شديد.
“أوه، مو سيئة متلك. ما راح أحاول أشتري بفلوس، بس…” طلعت كرت من شنطتي وحطيته بإيدها، “ما عندي مانع أستخدم الفلوس عشان أحّل مشكلة، مثلاً أنتِ.”
“هذا مليون دولار. من اليوم وطالع، ما يسمح لك تزعجيه مرة ثانية، وإلا، لا تلوميني على قلة الأدب.”
خفضت صوتي وأنا أقول لها، “أنتِ البنت الصغيرة من عائلة ليدسوم، صح؟ أنا أعرف إنكِ جرحتي أحد بالصدفة وأبوكي المناسب صلّح لك الموضوع من فترة قريبة. لو كنت مكانك، كنت راح أوقف المشاكل وأكون بنت منيحة لفترة.”
“أنتِ…” نظرت إلي بصدمة.
“ديري بالك على حالك.” ربتّ على كتفها.
بعدين مشيت لإلياس.
نظر إلي وأنا نظرت لفوق.
كان طويل، على الأغلب طوله 6'2”.
“يلا نمشي.” قلت له.
تبعني.
“ليش ساعدتيني؟”
ما جاوبته. لقيت سيارتي، فتحت الباب، وركبت في مقعد السائق. بينما كنت على وشك إغلاق الباب، أوقفني مرة ثانية، بجسمه الطويل اللي سد جنب السيارة.
“جاوبيني.”
“شو؟ بدك ترجع لي اللي دفعته؟” ابتسمت ونظرت إليه من فوق لتحت، “أخاف ما تقدر تجيب هالقد فلوس مرة وحدة.”
“طيب، شو بدك؟” نظر إلي بشك.
ابتسمت ونظرت إليه وأنا ماسكة المقود، “راح تعرف قريباً.”