عيون أديل مركزة جدًا، بتبص من خلال نضارة على طريقة الخمسينات اللي كبيرة أوي على وشها، وبتتفرج على يرقة بتزح ببطء على فرع شجرة صغيرة بمنتهى الدهشة الطفولية.
إستيل ويلسون بتطلع على البلكونة الخلفية شايلة سلة غسيل عشان تنشرها على حبل الغسيل. لاحظت أديل واقفة عند حافة الغابة، وبدأت تهمس لنفسها...
"يا رب الرحمة؛ البنت دي بتعمل إيه دلوقتي؟" نزلت الدرج وراحت لحفيدة بنتها. "أديل؛ لسة هنا؟ مش المفروض تكوني في طريقك دلوقتي؟"
أديل بسرعة بتلم الحشرة من الفرع وبتجري لإستيل؛ ومدت إيدها بفخر وهي بتعرض اللي لاقته، وفي نفس الوقت بتصرخ بحماس، "بصي يا وجدتي؛ يرقة!"
إستيل بصت على الحشرة، وبعدين رجعت بصت على أديل؛ وبصوت مش مبين إنها منبهرة، قالت، "أيوة؛ يرقة صح. شوفتهم قبل كده؛ وهشوفهم تاني... طيب وبعدين؟"
أديل بتداعبها برفق بإصبعها السبابة وهي بتزح على ظهر إيدها.
"شكلها وحش شوية دلوقتي... بس في يوم من الأيام هتعمل شرنقة... وهتاخد قيلولة طويلة..." غمضت عيونها وبدأت تتخيلها في عقلها؛ وبدت كأنها في حالة شبة غيبوبة، "وهتتحول لفراشة جميلة؛ بجناحات ملونة زاهية." أديل بتحرك إيدها بلطف ذهابًا وإيابًا عشان تقلد حركة طيرانها. "وهتطير كأنها بتعوم في الهوا."
إستيل دايما كانت معجبة بحب حفيدة بنتها للطبيعة؛ خاصة إنه إتغرس في أديل على إيد جو، حبيبها اللي فات. لكنها أقل حماس لما يبدأ يتداخل مع اللي لازم يتعمل. وفي اللحظة دي، أديل لازم تكون في طريقها.
إستيل بتدور عيونها ببطء. "أنا عارفة إزاي بتيجي الفراشات يا بت. أنا كمان عارفة إن المدرسة بتبدأ النهارده؛ ولو ما بطلتي زن، هتتأخري. يلا، حركي مؤخرتك وروحِ، يا بت."
لما سمعت الكلام ده، أديل فتحت عيونها وضحكت. "واو، وجدتي... قلتي مؤخرة."
إستيل ردت بنص مزاح، وهي محافظة على شكلها الجدّي ونبرة صوتها الجادة، "أيوة... قلت مؤخرة... وهضرب على المؤخرة دي لو ما اتحركتش. يلا روحي."
"طيب، وجدتي."
أديل بتجري على الشجرة الصغيرة وبتحط اليرقة تاني على الفرع. وبعدين بتشيل شنطة ظهرها هالو كيتي وبتنطلق. فجأة افتكرت؛ وبعدين وقفت فجأة، ودارت بسرعة ورجعت لإستيل.
بتبوسها على خدها. "بحبك، يا وجدتي."
"وأنا كمان بحبك، يا سُكّر."
أديل بتجري؛ وإستيل بتتفرج على حفيدة بنتها وهي بتجري في طريق التراب، وبتهز راسها وبتبتسم وهي بتبدأ تاني تهمس لنفسها...
"يا رب؛ إديني القوة عشان أتعامل مع البنت دي... يرحم روحها."
عربية برياس صفراء بتوقف على الرصيف في نفس الوقت اللي ديفيد مارتن فتح باب عربيته. تلاتة من صاحبات نادين في العربية. وبعد شوية، نادين بتطلع تجري من الباب الأمامي، ورايحة على العربية؛ بس وقفت بسرعة بعد ما سمعت أبوها بينادي عليها.
"نادين!" بيشاورلها. "ممكن تيجي هنا دقيقة؟"
بترجع لبابها. "أيوة يا بابا؟"
"سارة معاها رخصة؟"
"أيوة."
بانت تعابير عدم تصديق على وشه. "سارة باركس؟ البنت اللي دايما كانت بتخبط عجلة الأطفال بتاعتها في كل شجيرة ورد في حارتها... سارة باركس دي... معاها رخصة قيادة سارية؟"
"أيوة. دي دولة عظيمة، ولا إيه؟"
نظرة جدية مفاجئة ظهرت على وشه. "أخاف أقول كده."
"يا بابا، إيه المشكلة؟"
بيفرك مؤخرة راسه ورقبة. "ولا حاجة... أعتقد. بس... إنتي شايفاها سواقة كويسة بجد. يعني؛ إنتي شايفة إنك هتكوني كويسة... مع سارة وهي بتسوق؟"
نادين بتبتسم وبتتهكم، "كلها تمام... ما أعتقدش إن فيه أي شجيرات ورد بين هنا والمدرسة."
"ها، ها... أنا جاد، يا نادين... أنا بس قلقان إن..."
"اهدي يا بابا..." بتحط إيدها على كتفه عشان تطمنه، "الحياة قصيرة أوي عشان نقلق من الحاجات الوحشة اللي ممكن تحصل. هيكون كل حاجة تمام." بتبوسه على خده. "لازم أمشي يا بابا... بحبك."
نادين بتجري وبتركب في الكرسي اللي قدام جنب السواق. ديفيد بيتفرج بقلق الأب النموذجي وهي العربية بتمشي.