فترة رؤية **روز أميرة**
مملكة، عرش، دم، ذهب، وسلطة. ما عندك شيء لو ما عندك هذي الأشياء. الموضوع أكبر من مجرد تكون في القمة. ما يقدر أحد يلمسك أو يلمس اللي حولك إذا كنت في مكان عالي بما فيه الكفاية. ما أحد يناظرك لأنهم يخافون ينعمون من اللا مساومة اللي تعكسها عليهم لما يسوونها.
عشان كذا ما أوقف ولا راح أوقف أبدًا.
يحترمونني أكثر وأنا أرتقي في المناصب، ويوم من الأيام كلهم راح يخضعون لاسم عائلة **الجد**.
**أمبر** الغرب
"إحنا **أمبر**، خصوصًا أنت... أنت **روز أميرة**... ما نركع. كل الباقي يسوونها."
بكلمات أمي محفورة في قلبي، طلعت الدرج.
أتوقع من قلعة الشرق، القصر ضخم. القاعة الكبيرة فيها أرضية من الرخام الفاتح، والوصول لها يتم عن طريق درجات رخامية واسعة. أريكة **تشيسترفيلد** المركزية، والأعمدة، وحتى السجاد كلها مذهبة. فيه صورة تصور ملائكة وشياطين في قتال في منتصف السقف المقوس. هذا عادة يخلي الناس يوقفون ويتفرجون على التفاصيل الدقيقة اللي أضيفت للصورة.
لكن، غالبًا تكون آخر شيء يشوفونه قبل ما "يتم الاعتناء بهم." ما نعزم أصحابنا بس، نعزم منافسينا بعد.
جنة وجحيم. ملائكة وشياطين.
**ريفر أمبر**، ما كان مفروض يكون مفاجأة إن أبوي كان كلامي بهذا المعنى بالنظر لتربيته. أصله يرجع للبداية، بداية من نهاية الحرب العالمية الثانية مع أجدادي؛ ما كان بس حاكم لواحد من أكثر الملوك ازدهارًا في لندن وروسيا.
أنا جزء من هذا الخط.
في الواقع، أنا الوحيدة اللي تقدر تحميه بعد الآن.
اخترت الفستان الأحمر اللي يعطيني ميزة قوية اليوم. حتى ما يحتاج أحط معطفي البيج؛ بس معلَّق هناك. هذي عادة ورثتها من أبوي. شعري البرتقالي مسرح في كعكة أنيقة. ما أحط مكياج كثير، بس فيه طبقات كثيرة، تعطيني مظهر وحدة عمرها ثلاثين سنة بدل ثمانية وعشرين سنة.
في عالم الملكية هذا، كونك صغيرة هو نقطة ضعف، وما فيه طريقة أخليهم يستغلون أي من عيوبي.
عند أسفل الدرج، وجه يلمع يوقفني فجأة. بنت عمي **بيلا**، اللي تمامًا مستقيمة وصغيرة، تبتسم لي لما تشوفني. في الواقع، جسمها كله كذا، بما فيه إطارها، وشفايفها، وأنفها. عيونها الزرقاء الواسعة هي الشيء الوحيد الكبير.
كأنك تناظر مباشرة في هدوء المحيط الاستوائي.
لابسة ملابس بأكمام طويلة تنزل فوق ركبها بشوي. شعرها البرتقالي مشدود للخلف في ذيل حصان منخفض ومرتب بشريط طويل، وأفتح من شعري بدرجات قليلة. ما تحط مكياج أبدًا، كالعادة. ابتسامتها تتردد لحظة، وفجأة، أجراس إنذاري تدق. أطلقت الدب الأم الشره عليّ.
"وش فيه، **بيلا**؟" سألتها.
"هو..." تهز راسها. "ولا شيء، **روز**. يوم سعيد."
"**بيلا**." تكلمت بنبرتي الجادة اللي تدري إن ما أحد مفروض يتحداها. "يا إنك تقولين لي الحين، أو نقدر نوقف هنا طول اليوم لين تسوينها."
تعض شفتيها السفلية، وتطالعني من تحت رموشها الكثيفة طبيعيًا. هذا معناه إنها قريبة من إنها تطلعها.
من يوم ما دخلت العالم الملكي، كنت دايم أعتقد إن ما عندي إلا أبوي، وهذا كان كفاية بالنظر لأنه كان الملك الأقوى في هذا المكان...
بعدين، **بيلا** جات تعيش معنا بفضل عمي **ريفين**، أخو **ريفر** الصغير. كان عمري ثلطعش سنة لما قابلتها أول مرة. كانت توها كملت خمس سنين. كانت دايم تطالعني كأنها تشوف العالم كله وكأني راح أنقذها من أي حياة كانت عايشتها في ذيك الفترة.
صرنا على طول أحسن أصحاب - أو بالأصح صرت حاميتها، لأنها هشة زيادة عن اللزوم عشان تكون برا في العالم.
بعد خمسة عشر سنة، لا زالت تعتبرني بنفس الطريقة اللي كانت قبل. أتقدم خطوة ناحيتها، أنزل شنطتي على جنبي، وأحاول أشيل الجدية من نبرتي. **بيلا** تثق فيني، بس قالت لي بعد إني أخوف، مو عليها، بس أخوف بشكل عام.
ما أبغى بنت عمي تحس كذا تجاهي، بس لو ضروري أحميها، ما راح أكون مجرد تهديد؛ راح أفجر سطح الأرض لأشلاء.
أحط يدي على كتفها، وأمرره برفق. "أنتِ تدرين إنك تقدرين تقولين لي أي شيء، صح؟" تهز راسها مرتين.
"طيب وش اللي ما تقولينه لي؟" **بيلا** تعض شفتيها السفلية مرة ثانية. "ما راح تعصبين؟"
على عكس أغلب أفراد العائلة المالكة اللي عندهم لكنة لندن واضحة، تتكلم إنجليزي بلكنة أمريكية مثالية، على الأغلب لأني قاعد أعلمها من كنا صغار.
"عمري ما راح أعصب عليك." ابتسمت لها، واللي ممكن تكون أدفى نوع من الابتسامة اللي أقدر أقدمها لأي شخص.
"بابا قال... قال..."
"وش؟"
تبلع ريقها. "قال لازم أجهز."
"أجهز لـِ أيش؟"
"أنتِ تدرين."
"إذا ما قلتي لي، أنا مو قارئة أفكار."
"لـِ... للزواج."
"لـِ أيش؟" أصرخ، وتفز، وتتحول كتوفها لقاسية تحت لمستي. لعنت نفسي داخليًا لأني خوفتها، وأخذت كم ثانية أهدأ فيها. "هل ذكر لك مع من راح يزوجك؟"
تهز راسها مرة وهي تناظر حذائها المسطح. "قال بس لازم أجهز. هل... هل هذا معناه إني ما أقدر أكمل دراستي؟"
ينكسر صوتها في جملتها الأخيرة. قليل أشياء تأثر فيني بالعمق هذا، و**بيلا** أكيد على رأس القائمة. أشوفها تتألم كأن واحد من أطرافي قطع.
رفعت ذقنها وهي تطالعني بتعبير بائس. ما فيه دموع لأنها رُبّيت عشان تكون البنت الملكية المثالية من عمر صغير.
بالنسبة لها، البكاء مو نقطة ضعف زي ما أعتبره. في قاموس **بيلا**، الدموع مو أنثوية وما مفروض تظهر في الأماكن العامة.
حقيقة إنها تبغى تعبر عن حزنها، بس ما تقدر، تدق السكين أعمق فيني.
أجبرت نفسي على الابتسام، وأمررت يدها على شعرها للخلف. "ما تحتاجين تجهزين لأي شيء. راح أتكلم مع أبوك، ولا شيء من هذا راح يصير."
يتوهج تعبيرها. "صدق؟"
"هل قد وعدت وما وفيت؟" شرارة لطيفة تغزو تعبيرها.
"أبدًا." أجابت بفرح.
"روحي ادرسي ولا تهتمين بهذا. بما إن عندك اختبارات قادمة، ما تحتاجين تجين للشركة."
"أبغى."
**بيلا** تحضر من حوالي سنة. سعت في وظيفة هندسة، واللي تعتبر عديمة القيمة في مجال عملنا عند الكل. اختارتها بحرية وبدون قيود، عشان كذا كنت الوحيدة اللي دعمتها. هي خبيرة في الأرقام، فكان راح يكون خسارة ما تستخدمها.
"مثل ما تتمنين. وين العم؟"
"هو في غرفة الطعام... بس ممكن ما تبغين تدخلين هناك. العم **ريفر** عنده اجتماع مع باقي أفراد العائلة المالكة."
"بالطبع عنده، وخليني أخمن، حجرات الغرب والشمال والجنوب موجودين هناك؟"
"أمم... نعم."
ليش مو مستغربة إن العم جاب طاري الزواج لما هذا المزعج كان موجود؟
"ارجعي لدراستك، **بيلا**. لا تخلين أي شيء من هذا يوصلك." تتردد، بعدين تنطلق، "كوني حذرة. تدرين إنهم ما يحبونك هناك."
"راح يكرهوني أكثر بعد اليوم."
"**روز**..."
"لا تهتمين. راح أكون حذرة." قلت عشان أرضيها، حتى لو كنت أخطط بالفعل لحرب. تتقدم وتعانقني. "كوني بأمان، **أمارا**."
بعدين تاخذ خطوات معتدلة فوق الدرج.
إلا لو قالت **بيلا** اسمي الثاني، ما قد حبيته. لما انتقلت عنده، قال إن أمي كانت تناديني **روز** لأنها تحب الوردة، وإن الاسم الروسي **أمارا** يرجع لوجدتي الراحلة. من بعد موتها، **بيلا** بس هي اللي تناديني به بعد الآن. أبوي والعم **ريفين** بعد، لما ما كانوا معصبين مني. خلينا نقول، ما راح يكون عنده أي أسماء لي اليوم، لأني مستعدة تمامًا أخرب اجتماعه.
العنوان لجريدة بكرا راح يكون "السيدة الشابة خربت الاجتماع،" لاني ما كنت معزومة على الاجتماع.