من وجهة نظر شيريدان ويسلي:
أنا شيريدان ويسلي. عمري أحد عشر سنة. عشت دائمًا مع أبي. هو الشخص الوحيد اللي عندي. بيحبني وأنا كمان بحبه. بس قريب، حياتنا اتغيرت. حياتي أنا خصوصًا.
كان يوم مشمس في بلوفيل، بلدة ريفية صغيرة مش بعيدة عن تينيسي. المكان اللي الكل فيه يعرف الكل. أبي كان من أكثر الناس شعبية ومحبوبين في بلوفيل. كان عنده أرض واسعة ومزرعة كبيرة.
كنت دائمًا أحب الشغل معاه. كنت بحب حياة المزرعة. كنت أعرف أركب الخيل، أحلب البقر، أعمل الزبدة، أزرع البذور وأحصِد المحاصيل. كنت محبوبًا من كل موظفي أبي ومعروفًا أيضًا من أهل البلدة. كنت الولد الصغير اللي دائمًا بيساعد.
"شيريدان؟" نادى أبي من الدور اللي تحت في يوم من الأيام.
"نعم، أبي!" رديت وأنا رايح أقابله. كان قاعد على الطاولة.
كان الفطار جاهز.
"اقعد، يا ولدي."
عملت كده. أكلنا توست مع مربى وشربنا لبن طازج. بصيت على صورة أمي على الحائط. عمري ما عرفتها لأني فقدتها أول ما اتولدت. أبي لاحظني.
"أمك كانت بتحبك بكل قلبها، يا شيريدان. كانت عايزاك تكون الولد المجتهد واللطيف اللي أنت عليه دلوقتي." ابتسم لي وابتسمت له.
"شكرًا، أبي."
"لما تكبر، هتاخد مكانتي في المزرعة والشركة."
"بجد، أبي؟"
أبي كان دائمًا بيتكلم عن شركته في مدينة لوس أنجلوس. عمري ما رحت لوس أنجلوس ولا شفتي شركته. كنت بشوفها بس في الصور. لما كنت بسأله ليه ما بنعيش في لوس أنجلوس، كان بيرد:
"عايزك تكبر هنا في بلدنا الأم. مش عايزك تكون مهووس بالتكنولوجيا وتكون ولد مدلل. عايز أهذبك للحياة الصعبة. عايزك تعرف تعيش بكرة لو ما كانش معاك فلوس. الواحد ما يعرفش المستقبل فيه إيه، يا ولدي."
وكان عنده حق.
"أيوة. بجد. كل ده هيكون ملكك يومًا ما." أضاف.
"شكرًا، أبي." وقفت عشان أحضنه. حضنني جامد.
"أنا بحبك، يا ولدي. أنت تستاهل الأفضل."
"وأنا كمان بحبك."
"تمام. دلوقتي يلا بينا نروح نركب الخيل."
"حلو!" كنت بحب أستكشف الغابات مع أبي. كان من أحلى ذكريات طفولتي.
***
المدرسة لسه قافلة لإجازة عيد الفصح ورجعت البيت بنتائج كويسة. أبي كان فخورًا بيا.
"ممتاز، يا حبيبي. أنا فخور بيك."
"شكرًا، أبي."
"إيه رأيك نروح نقعد شوية في بيت السيد كينيث؟" سأل.
وسعت عيني وانتشرت ابتسامة سعيدة على وشي. السيد كينيث كان صديق أبي العزيز جدًا. كان راجل طيب جدًا بيحب عيلته. لما كان بييجي يزورنا، كان بيجيبلي هدايا.
هو كمان كان عنده مزرعة كبيرة، مزرعة هاي ميدو. كانت بعيدة عن بلوفيل. رحت هناك مرة لأ أبي ما كانش دايما بيقدر ياخدني بسبب المسافة.
آخر مرة رحت هناك كانت لما كان عمري ست سنين. وعندي ذكريات كويسة جدًا عن المكان. كنت بلعب مع بنته الأولى، هيذر، كانت أربع سنين وقتها وأختها الصغيرة، ساوير، كانت لسه بيبي عندها سنتين. فات وقت طويل وكنت بتساءل شكلهم إيه دلوقتي. هيذر احتمال تكون تسعة ونص دلوقتي. وساوير، سبعة ونص.
"دي فكرة حلوة! بس، أممم، هل السيدة كريستينا هتروح؟"
السيدة كريستينا كانت مرات السيد كينيث. كنت دائمًا بتجنبها لأني كنت بلاقيها غريبة. ما كانتش بتضحك ولطيفة زي جوزها. كانت صارمة شوية. فاكر إنها كانت بترفض إن هيذر تلعب معايا وده خلى جوزها يتضايق ويصرخ عليها.
"أيوة، هتروح."
"أوه..."
أبي ضحك.
"ما تخافش يا ولدي، هي شخصية كويسة. هي بس شوية صارمة."
"أوه أممم، ماشي."
ده لسه ما أقنعنيش. بس، يعني، مش هسمح لها تخرب قعدتي القصيرة في مزرعتهم.
***
جهزت حاجتي قبل الوقت عشان ما أنساش حاجات مهمة. ما كنتش قادر أستنى نهاية الأسبوع. هنقعد هناك أسبوعين. روعة! ما كنتش قادر أستنى. أحلى حاجة في الموضوع كله كانت رحلة الطريق مع أبي.
~
نهاية الأسبوع جت وكنت متلهف أكتر من اللازم. ودعنا الموظفين وودعت حصاني، سترايك. قريب طلعنا في رحلة الطريق الطويلة المتعبة بس الشيقة.
غنينا أغاني، حكينا قصص وعملنا نكت طول الرحلة. كانت ثلاث ساعات.
في نقطة وقفنا في محطة بنزين في نص ولا حاجة عشان نملا خزان الشاحنة. بعدين كملنا.
"أبي؟"
"أيوة؟"
"أنا جعان."
"ما تقلقش، فيه كافية صغيرة مش بعيد من هنا."
"تمام."
وصلنا الكافية وقعدنا نفطر عشان كنا سبنا مزرعتنا الساعة 8 الصبح في اليوم ده.
***
بالظبط الساعة 11:30، دخلنا من بوابة مزرعة هاي ميدو. وصلنا. كنت سعيد أوي. المزرعة كانت كبيرة زي مزرعتنا. كان عندهم أراضٍ واسعة كفاية وماشية كمان كفاية. واحنا داخلين بالعربية، شفتي خيل، بقر ومعز بيرعوا والموظفين بيراقبوا عليهم. لوحت لهم ولوحوا لي.
دي هتكون متعة.
وإحنا بنقرب من بيت المزرعة، السيد كينيث اللي بيبتسم كان باين على الشرفة. جه ناحيتنا لما ركننا الشاحنة.

"صديقي العزيز بول." ضحك بسعادة لما أبي نزل من الشاحنة.
"على قيد الحياة أكتر من أي وقت مضى، يا كين." أبي ضحك وحضنوا بعض.
"جه الوقت أخيرًا إنك تعدي علينا." بعدين التفت ليا، "كبرت عن آخر مرة شوفتك فيها، يا ولدي. أنت راجل صغير دلوقتي."